Top Ad unit 728 × 90

News

recent

طرق الرقابة على دستورية القوانين

طرق الرقابة على دستورية القوانين

طرق الرقابة على دستورية القوانين


تمهيد:
=========
في العصر الحديث للدولة، تسود فكرة الدولة القانونية، حيث تخضع الدولة بسلطاتها الثلاث للقانون تماماً مثلما يخضع له الأفراد، والخضوع للقانون معناه الخضوع لكافة القواعد القانونية الملزمة في الدولة، وعلى رأسها الخضوع للدستور ثم الخضوع للقوانين العادية الصادرة عن السلطة التشريعية.
فالدستور يمثل قمة الهرم القانوني في الدولة. ويضع المبادىء والقواعد العليا للدولة التي يلتـزم بها الحاكم والمحكوم، ولا تعلوه أي قواعد قانونية، حيث يجب على هذه القواعد أن تلتـزم في إطار أحكامه ولا تخالفها. 
ولقد تزايدت أهمية الرقابة على دستورية القوانين في الوقت الحاضر، نظراً لتحول معظم الدول من فكرة الدولة الحارسة إلى فكرةِ الدولة المتدخلة، وزيادة أعمال السلطة التنفيذية، وهو ما ظهر بدخول الدول في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية وغيرها، ومن ثم كثرت الاتفاقيات وتعددت القوانين المنظمة لسلوك الدول في هذه المجالات وتعقدت المصالح، وهو الأمر الذي يخشى معه أن تتعارض بعض القوانين مع الدستور. 
لذا وجبت الاستمرارية في المراقبة الدائمة والمستمرة لتصحيح بعض التصرفات المخالفة للصواب، وذلك من خلال الرقابة على دستورية القوانين بعدة صور أو طرق كالرقابة القضائية، أو الرقابة السياسية، أو الرقابة الشعبية على الدستورية استنادا لفكرة أن الشعب هو أصل السلطات.

وبشكل عام:

فالرقابة على دستورية القوانين هي وسيلة لحماية الدستور من أي تصرف قانوني مخالف لقواعده، وإلى إقرار مبدأ سموه، وضمانة لاحترامه. 

طرق وأساليب الرقابة على دستورية القوانين

==========================
أولاً: الرقابة السياسية على دستورية القوانين
في الواقع نجد أن بعض الدساتير تمنح الرقابة على دستورية القوانين إلى هيئة سياسية، وتحدد أحكام هذه الدساتير كيفية تشكيل هذه الهيئة، وأحياناً آلية عملها، هذه الهيئة تتولى فحص القوانين، وهذه الهيئة مؤلفة في الغالب من أعضاء سياسيين، مما يعد أمراً منطقياً. 
فعلى الرغم من الطبيعة القانونية الظاهرية للرقابة على دستورية القوانين، فإن هذه الرقابة تنطوي على جوانب سياسية، خاصة في آثارها، وهذه الرقابة تسمى بذلك من حيث أنها تمارس من قِبل هيئة سياسية، ويتجسد ذلك من خلال تشكيلتها والإجراءات المتبعة أمامها وطريقة عملها. 
وقد يتم تشكيلها إما عن طريق التعيين من قبل السلطة المختصة أو عن طريق الانتخاب من قبل الشعب كهيئة منتخبة، وبمعنى آخر قد يتم ذلك عن طريق تعيين السلطة التنفيذية أعضاء هيئة الرقابة السياسية وقد تقوم السلطة التشريعية بذلك أو أن تعين هاتين السلطتين أعضاء هذه الهيئة أو قد يتم التشكيل عن طريق انتخاب الشعب لأعضائها، والرقابة عن طريق هيئة سياسية هي رقابة مسبقة أو سابقة على صدور القانون. 
وبالتالي هي رقابة وقائية تهدف إلى منع صدور أو نفاذ قانون مخالف لأحكام القانون، إن هذه الهيئة السياسية تنظر في مدى ملائمة مشروع القانون ومطابقته لروح الدستور أي عدم تعارض مشروع القانون المقدم من البرلمان أومن السلطة التشريعية إلى رئيس الدولة للتوقيع علية.

أشكال الرقابة السياسية

===================
للرقابة السياسية شكلان حسب النظام السياسي المطبق في الدولة هما:

1)  المجلس الدستوري:

المتمثل في هيئة عليا منصوص عليها في الدستور، وتتكون هذه الهيئة عادة من عدد متساوي من أعضاء كلا المجلسين المكونين للبرلمان، بالإضافة إلى أعضاء من المحكمة العليا، ومهمة المجلس الدستوري هي التحقق من مدى مطابقة القانون للدستور قبل صدوره، وهذه الرقابة وقائية لحماية الدستور من الاعتداء على أحكامه من قبل السلطات العامة. 

2)  الهيئة النيابية أو المجالس الشعبية المنتخبة:

وهذا الشكل من الرقابة انتشر في الدول التي تنتهج الأنظمة الاشتراكية، وتهدف هذه الرقابة إلى حماية حقوق الأفراد من اعتداءات السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية، ومهمة هذه الهيئة أو هذه المجالس في تفسير القوانين، وإلغاء القرارات والأوامر المخالفة للقانون والدستور.

مميزات الرقابة السياسية

===================
وتتميـز الرقابة السياسية بأنها رقابة وقائية سابقة على صدور القانون، وبالتالي فهي رقابة محدودة، تهدف إلى منع صدور قانون مخالف لأحكام الدستور، وهى أكثر فعالية من غيرها من صور الرقابة اللاحقة، فإذا كانت الرقابة على دستورية القوانين رقابة قانونية من حيث موضوعها فهي أيضاً رقابة سياسية من حيث آثارها.
كما أن هذه الرقابة تفتـرض وجود هيئة أنشأها الدستور، تكون مهمتها التحقق من مطابقة أعمال السلطات العامة وبخاصة السلطة التشريعية لأحكام الدستور، بحيث تتمتع تلك الهيئة بمكانة عليا تستطيع من خلالها توقيع الجزاء، أو الحد من الاختصاصات ، أو منع تنفيذ الأعمال الصادرة المُعارضة لأحكام الدستور.

الانتقادات التي أخذت على أسلوب الرقابة السياسية

     ==============
1) إن الرقابة على دستورية القوانين ذات طبيعة قانونية في الأساس، لذلك يفترض فيمن يتولى هذه الرقابة، مؤهلات وكفاءات قانونية خاصة، تمكنهم من فهم أحكام الدستور نصا وروحاً.
2) وفى الواقع العملي للرقابة السياسية أتضح أنها على وجه العموم ليست أسلوباً ناجحاً وفعالاً، وغير ذات أثر فعال في حماية الدستور من عدم مخالفة القوانين لأحكامه.
3) لأن الهيئة السياسية قد تنحاز إلى السلطة التي ساهمة في تكوينها، كما أن هذه الرقابة تكون وسيلة رقابية فقط، حيث تحرك قبل إصدار القوانين وتوكل إلى أشخاص معينين، ولا يتم هذا التحريك إلا إذا كانت لهم مصلحة في ذلك.
4) بالإضافة إلى ذلك عدم توافر الحياد والاستقلال الكافي من طرف هذه الهيئة لأداء وظيفتها، لكون الأعضاء تابعين للجهة التي عينتهم، ومن الانتقادات أيضاً أن أعضاء هيئة الرقابة السياسية قد لا يكونوا مكونين تكويناً قانونياً يتناسب مع خطورة وأهمية هذه الرقابة.
5) فنقص الكفاءة القانونية لأعضاء هذه الهيئة يؤثر سلباً في أداء مهمة الرقابة، والتي يستحسن أن تكون ذات طابع قانوني، بالإضافة إلى أن الطابع السياسي لتشكيل هذه الهيئة يجعلها تعطى تفسيرات سياسية في أثناء قيامها بالرقابة على دستورية القوانين.
6) قد لا يمنع هذه الهيئة من التأثر بالاتجاهات السياسية، وهو ما لا يتفق مع الهدف المنشود من هذه الرقابة، وفى هذه الحالة نجد أن القوانين لا تحدد وتفسر وفق مطابقتها للدستور، ولكن تحدد وتفسر وفق الاختيارات والتوجهات السياسية لأعضاء هذه الهيئة السياسية.
7) كما أن إسناد مهمة الرقابة إلى هيئة ذات طبيعة سياسية قد يؤدى إلى تسلط واستبداد هذه الهيئة، وهناك إشكالية خطيـرة تتمثل في أن الدساتير ليست دائماً على درجة كبيـرة من الوضوح.
8) وأن السلطة التشريعية ليست بالبساطة أو السذاجة لخرق الدستور بشكل مباشر وظاهر للعيان، وأن القانون ليس علماً ثابتاً أو صحيحاً، أي أن أحكام الدستور تحتمل عدة تفسيرات لبيان معناها، ولتوضيح أي غموض محتمل، توضيحاً جلياً.
9) لذلك فمن الأفضل أن تسند الرقابة إلى متخصصين قانونيين على درجة عالية في التخصص والممارسة المهنية، تسند إلى جهة مستقلة ومحايدة في مواجهة جميع السلطات الدستورية.
10) ولكن طبيعة تكوين الهيئة السياسية المكلفة بهذه المهمة يحرمها من هذا الاستقلال والحياد، حيث ستكون هذه الهيئة عرضة للخضوع للجهة التي اختارتها، وعرضه للخضوع للاتجاهات السياسية التي تنتمي إليها، مما يفقدها الحيادية في أداء دورها الرقابي.
11) وإذا كان تشكيل هذه الهيئة يتم عن طريق الشعب بواسطة الانتخاب، فأنة يخشى أن تعتبر نفسها أعلى من بقية السلطات باعتبار أنها تستند للإرادة الشعبية، مما قد يخلق النزاع بينها وبين بقية السلطات.
12) أما إذا كان تشكيل هذه الهيئة السياسية يتم ذاتياً، فأنة يمكن أن تتحول إلى هيئة أرستقراطية.
13)  وهناك انتقاد خطيـر وفني:
حيث أن الرقابة السياسية هي دائماً رقابة مسبقة، أي قبل إصدار القانون ودخوله حيـز النفاذ أو ضمن النظام القانوني، وهذا ما يدعوا إلى الاعتقاد بأن الهيئة السياسية المكلفة بالرقابة تشارك بشكل أو بآخر في مراحل تكوين القانون وكأنها مجلس إضافي للسلطة التشريعية، وهذا يلغي الهدف من عملية الرقابة في حد ذاته، فكيف لهيئة تشارك في التكوين القانوني أن تراقب التكوين وإضافاته. لذلك فإن أغلب الدساتير هجرة هذا النوع من الرقابة.

ثانياً: الرقابة القضائية على دستورية القوانين

          ====================
في الرقابة القضائية على دستورية القوانين، يعهد إلى هيئة قضائية بمراقبة دستورية القوانين. بمعنى أن يتولى القضاء فحص القوانين ليتحقق من مطابقتها لأحكام الدستور. هذه الرقابة في حقيقتها تعبر عن جزء من الوظيفة الأصلية للسلطة القضائية.
كما أن معظم دساتير الدول في العصر الحديث أخذت بأسلوب أو بطريقة الرقابة القضائية على دستورية القوانين.
إن إسناد الرقابة لجهة قضائية افترضتها الظروف السياسية والقانونية، لأنها مهمة شاقة ومعقدة، تطلب تكويناً قانونياً معتبراً لضخامة وأهمية الموضوع، وهو التعرف على ما إذا كانت تصرفات السلطات العامة تصرفات قانونية متطابقة مع أحكام الدستور ونصوصه بصفة صريحة أو ضمنية.
وهنا يكون أسلوب الرقابة بواسطة هيئة قضائية مختصة ومكونة من حقوقيين، وتكون هذه الرقابة بواسطة هيئة تابعة للقضاء وتكون أمام جميع أنواع المحاكم.  إذ يفتـرض في القضاء قدر كبيـر من التكوين القانوني والحياد والنزاهة والاستقلالية. وهذه الأمور مجتمعة تشكل ضمانة فاعلة لرقابة دستورية القوانين.
وسميت بالرقابة القضائية نظراً لصفة الهيئة التي تتولاها بنفسها وتمارسها وتنهض بعبئها وتزاولها، وتكون مهمتها العمل على فرز التصرفات التي وضعت في غيـر السبيل الذي حددته الأحكام القانونية لحدوثها.
فالرقابة هنا تؤدى إلى تأكيد التصرفات الصحيحة وتحديد التصرفات المخالفة للصواب لإعادة تقييمها ضمن الحدود القانونية.  وكل هذا لتحديد وتحقيق الشرعية والمشروعية. والرقابة القضائية إما أن تكون رقابة امتناع أو رقابة إلغاء.

طرق تطبيق المحاكم رقابتها على دستورية القوانين

=========================
الرقابة القضائية التي اتبعتها الدول على اختلاف أنظمتها السياسية تمثلت في تطبيق المحاكم رقابتها على دستورية القوانين بإحدى الطرق الآتية:

1) الرقابة الأصلية أو الدعوى الأصلية أو الدعوى المباشرة:

ويتم بموجبها رفع دعوى أصلية أمام محكمة خاصة واحدة ويطلب من هذه المحكمة إلغاء القانون المخالف للدستور موضوع الدعوى، وبذا يمتنع على المحاكم القضائية الأخرى فحص دستورية القوانين، ويقصد بهذه الرقابة التقدم مباشرة إلى القضاء بطلب إلغاء أو بطلان قانون مخالف لأحكام الدستور.
فهذه الرقابة هي رقابة مجردة ن لأنها تتعلق بمسألة عدم مخالفة القانون لأحكام الدستور بمعزل عن أي نزاع مطروح أمام القضاء.
هذه الرقابة محدودة الفائدة، لأنها تمنح لصاحب كل ذي مصلحة دون شرط تطبيق القانون علية، أن يبادر بالطعن في القانون بهدف إلغاؤه من المحكمة المختصة، فيكون لهذه المحكمة حق إلغاء القانون المخالف للنص الدستوري بالنسبة لكافة الناس سواء بأثر مستقبلي أو رجعى، وهذا حسب ما تقرره نصوص الدستور المنظمة لهذا النوع من الرقابة.
وهذه الرقابة تتمثل في تشكيل محكمة خاصة تسمى المحكمة الدستورية العليا أو تناط مهمة الرقابة بأعلى محكمة في البلاد.

مميزات الرقابة الأصلية أو الدعوى الأصلية أو الدعوى المباشرة:

===========
ومن مميزات هذه الرقابة أن قرارها يلغى القانون المخالف للدستور، وأن لهذا الحكم حجية مطلقة أي أنه ملزم لسائر المحاكم والجهات التي تطبق القانون، وأيضاً من مميـزات هذه الرقابة أن أي فرد يرى في قانون معين مخالفة للدستور يستطيع أن يتقدم لهذه المحكمة طالباً إلغاء هذا القانون.

أشكال الرقابة عن طريق الدعوى المباشرة

====================
الرقابة عن طريق الدعوى المباشرة يمكن أن تكون رقابة مسبقة، أو رقابة مؤخرة، كما أنها دائماً رقابة مركزة، وهى وسيلة هجومية، ولذلك يصفها الفقه بأنها دعوى موضوعية، ويمكن توضيح ذلك في الآتي:
أ)  الرقابة المسبقة هي التي تكون قبل إصدار القانون ودخوله حيز النفاذ أو ضمن النظام القانوني، أي أنها رقابة وقائية، تهدف إلى منع صدور القانون المخالف لأحكام الدستور، وإذا كانت الرقابة المسبقة تجنبنا نفاذ أو تطبيق قانون مخالف للدستور، فأنه يؤخذ عليها خطر تحول الهيئة المكلفة بالرقابة إلى هيئة مشاركة بشكل أو بآخر في مراحل تكوين القانون، وكأنها مجلس إضافي إلى السلطة التشريعية، وأيضاً فإنه في الرقابة المسبقة يبت القاضي الدستوري في دستورية أو عدم دستورية القانون وصراخ السلطة التشريعية لم يكد يصمت.
ب)  وأما الرقابة المؤخرة أو اللاحقة فتكون بعد دخول القانون حيز النفاذ، أي تهدف إلى إزالة نص تشريعي من التداول القانوني، ويؤخذ على الرقابة اللاحقة بشكل دعوى مباشرة، أنها توقعنا في خطر عدم الاستقرار التشريعي أو القانوني بشكل عام، خاصة إذا جاء الإلغاء بعد فترة من دخول القانون حيز النفاذ.
ج)  كما أن الرقابة عن طريق دعوى مباشرة هي دائماً رقابة مركزة أي أن هناك هيئة قضائية واحدة تحتكر ممارسة الرقابة على دستورية القوانين.
د)  إن الرقابة عن طريق دعوى مباشرة هي وسيلة هجومية، كونها دعوى مبتدأه ومباشره يوجهها صاحب الشأن أو الطعن بصفة أصلية وبمعزل عن أي نزاع آخر، تهدف إلى إلغاء قانوناً مخالف لأحكام الدستور، ومن هنا وصفها الفقه بأنها دعوى موضوعية، كدعوى الإلغاء في القانون الإداري، ولذلك فإن الحكم الصادر عن المحكمة بعدم الدستورية، يعنى إلغاء القانون أو أحكامه المخالفة للدستور، ويكون لهذا الإلغاء حجية مطلقة تجاه الكافة، بأثر رجعى وكأن هذا القانون لم يكن موجوداً أبداً.

2)  الرقابة عن طريق الدفع بعدم الدستورية أو طريقة الدفع الفرعي

============================================
حيث يتقرر هنا لجميع المحاكم القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها حق الرقابة على دستورية القوانين، والطعن ليس بهدف الإلغاء وإنما الامتناع عن التطبيق. ونجد في هذه الطريقة أنها تفتـرض من البداية أن يكون هناك نزاع معروض أمام القضاء، ويشترط أن يكون النص القانوني المدعى بعدم دستوريته ذا صلة وثيقة بموضوع الدعوى، وأنها تمنح لصاحب كل ذي مصلحة سيطبق علية قانون مخالف لنص دستوري، بمناسبة طرح النزاع أمام محكمة هو طرف فيه، فأثناء النظر في هذه الدعوى يدفع ببطلان ذلك القانون. وفي هذه الحالة توقف المحكمة الفصل في تلك الدعوى لحين صدور الحكم من المحكمة الدستورية أو المحكمة العليا، وعلى ضوء ذلك تصدر المحكمة حكمها. وفى الفتـرة من توقف المحكمة عن الفصل في الدعوى لحين صدور حكم بدستورية النص من عدمه تبقى سلطة تقديرية في يد القاضي، لأن في كل دولة هناك شروط معينة ومحددة قانوناً بمقتضاها يحدد القاضي موقفة من الدفع الذي تقدم به أحد الخصوم بعدم دستورية النص القانوني.
إن هذه الرقابة تعتبـر رقابة فرعية، ولا يحق لأي مواطن الطعن بعدم دستورية القوانين بصورة أصلية، ولكن ينتظر إلى أن يكون في موقف محل دعوى قضائية يطبق عليه القانون فيها وعند ذاك يبادر في الطعن في القانون. وهنا على القاضي النظر في صحة هذا الطعن، فإذا تبين له صحته يتوقف عن تطبيق القانون فحسب. ويكون قرار الحكم هنا خاصاً بالقضية المعروضة فقط.
لذلك قيل بأن هذا الحكم حجيته قاصرة، وهذا يعنى أن المحاكم الأُخرى والمحكمة نفسها غير ملزمة بهذا الحكم الصادر في هذه القضية، فليس من شأن هذا الحكم أن يحول دون استمرار القانون، ويعتبر هذا الحكم مجرد امتناع عن تطبيق القانون باعتباره قانوناً غير دستوري، على عكس حكم المحكمة الدستورية العليا الذي يقرر إلغاء القانون.

3)  الرقابة عن طريق الجمع أو المزج بين طريق الدعوى الأصلية وطريق الدفع الفرعي

=====================================================
بموجب هذه الطريقة يتم الدفع أثناء قيام إحدى المحاكم بنظر دعوى قضائية يراد تطبيق أحكام قانون معين على وقائعها فيدفع بعدم دستوريتها، وهنا لا تتعرض تلك المحكمة (محكمة الموضوع) للفصل في هذا الدفع، بل توقف نظر الدعوى، ويحال الطعن بعدم الدستورية إلى المحكمة المختصة بالفصل في دستورية القوانين.
وعلى ضوء قرار هذه الأخيـرة الذي يتمتع بحجية مطلقة تجاه الكافة، تقرر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى القضائية الفصل بهذه الدعوى لدى قيامها بإنزال حكم القانون على الواقع لجهة دستورية أو عدم دستورية القانون المطعون بدستوريته.

وأجمالاً يمكن القول بأنه توجد النماذج الآتية للرقابة القضائية على دستورية القوانين

=========================================
الأول: أن توكل الرقابة إلى المحاكم القضائية العادية، بمعنى أنها رقابة لامركزية تمارسها المحاكم على اختلاف درجاتها.
الثاني: أن توكل الرقابة إلى محكمة محددة يبين الدستور كيفية تشكيلها واختصاصاتها والإجراءات المتبعة أمامها والآثار التي تترتب على أحكامها، إن هذه الرقابة هي رقابة مركزية، بمعنى أن يعهد بممارسة الرقابة القضائية على دستورية القوانين عن طريق إحداث محكمة خاصة تسمى المحكمة الدستورية، تشكل جزءاً من سلطة قضائية تقف على قدم المساواة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، إن هذه الرقابة التي تمارسها محكمة محددة سواء كانت المحكمة العليا القائمة على قمة الجهاز القضائي في الدولة أم محكمة دستورية عليا مستقلة، ولقد ذهبت الدساتير مذاهب شتى في تحديد المحكمة التي تتولى الرقابة على دستورية القوانين.
إن السلطات الممنوحة للأجهزة القضائية في مواجهة قانون غيـر دستوري تختلف من دولة إلى أخرى، وحسب النصوص الدستورية لكل منها.
إن الحاجة إلى وجود هيئة قضائية مستقلة مهمتها النظر في موضوع الرقابة على دستورية القوانين، أمر في غاية الأهمية، خصوصاً في الدول التي يكون فيها الرأي العام ضعيف أو معدوم، وحيث المؤسسات الدستورية هشة، والسلطة التنفيذية متسلطة، فلا يلائم هذه الدول إلا وجود محكمة دستورية تقف على قدم المساواة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، إن الرقابة على دستورية القوانين لا ينتج أثرها ما لم يكن هناك إيمان وتطبيق لمبدأ المشروعية، ووجود قضاء مستقل لا تمارس علية الضغوط السياسية والحزبية من أي جهة كانت، لكي يتسنى لدولة القانون أن يسود فيها القانون. ولا تتحقق سيادة القانون ما لم تكن هناك رقابة حقيقية على دستورية القوانين.

يمتاز أسلوب أو طريقة الرقابة القضائية بعدة مميزات أهمها

========================================
إن أغلب دساتير الدول العصرية الحديثة تسند إلى القضاء مهمة الرقابة على دستورية القوانين، وللرقابة على دستورية القوانين من قبل هيئة ذات تكوين قضائي العديد من المزايا، فمن حيث تكوين القُضاة المهني ونزاهتهم وعلانية أصول المحاكمات القضائية، الأصول التقابلية، وجوب إسناد وتبرير الأحكام، هذه المزايا الناجمة عن الطبيعة القضائية لتكوين الهيئة القضائية المكلفة بممارسة الرقابة على دستورية القوانين، تشكل ضمانة لحماية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، وإنه لمن المنطقي إسناد هذه الرقابة للقاضي بما يتفق ودورة في المجتمع في فض المنازعات التي تثار، وما الحكم في دستورية القانون من عدمه إلا منازعة يختص القضاء ببحثها، وحيث أن الهيئة القضائية تضمن معالجةْ دستوريةْ القوانين بروح قانونية خالصة، فيبحث القاضي بحكم طبيعته و وظيفته في مدى مطابقةْ القانون للدستور، وكذلك تمتاز هذه الطريقة في الرقابة بأنها تَخضع لإجراءات قضائية محترفة تمتاز بالعدالة، من حيث الحياد والمواجهة بين الخصوم وتعديل الأحكام ... وغيرة، وأيضاً من مميزات هذا الأسلوب في حالة نزاهة القُضاة واستقلالهم عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، تمكنهم من أداء مهمتهم باحترافية قانونية على أحسن وجه.
و تعد الرقابة التي يتولاها بنفسه القضاء الدستوري على القوانين العادية بقصد احترامها للقواعد الواردة في الوثيقة الدستورية وعدم مخالفتها لأحكامها. وتعد من أهم الوسائل القانونية التي تكفل نفاذ القانون الدستوري وتطبيقه تطبيقاً سليماً. وتعد نتيجة منطقية لمبدأ سمو الدستور الذي يفتــرض أن يكون الدستور هو قمة النظام القانوني في الدولة. وتعد هذه الرقابة ضمانة هامة تكفل احترام هذا المبدأ. وبالتجربة في أرض الواقع ثبت أن الرقابة القضائية أنجح من الرقابة السياسية.

 الانتقادات التي وجهت لأسلوب أو طريقة الرقابة القضائية

حيث يكون من مساوئها عدة أمور منها الآتي:
   ======================
فقد أعتـرض جانب من الفقه على هذه الرقابة واعتبرها تدخلاً من السلطة القضائية في اختصاصات السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب، وهذا يخل بمبدأ سيادة الشعب، وبالتالي تشكل خرقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، وهذا المبدأ من المبادىء الأساسية التي تقوم عليها الدولة الحديثة.
فهذه الرقابة تعطى القاضي الحق في إبطال القانون الذي شرعه البرلمان، وهو في أصل وظيفته لا يملك غيـر تطبيق هذا القانون لا البحث عن دستوريته، وكذلك نجد أن الرقابة بواسطة هيئه قضائية تجعل من القاضي أنه يمتلك سلطة سياسية. ثم إن تقرير حق القاضي في إبطال القانون يعلى من سلطة القاضي ويجعله سلطة أعلى من السلطات الأخرى وهو أمر لا يصح. ذلك أنة يخل بالتوازن الواجب توافره بين سلطات الدولة حين تمارس مهامها.
وهناك جانب آخر من الفقه يرى أن المسألة لا تشكل أي تجاوز أو تدخل من السلطة القضائية وإنما هو تدخل ضروري من أجل احتـرام وحماية الدستور وتطبيقاً لأحكامه، ويساعد على انضباط المؤسسات السياسية الحاكمة في الدولة. كما أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين، تتعدد وسائل تحققها وطرق تحريكها.

ثالثاً: الرقابة الشعبية المباشرة وغير المباشرة

==================

أولاً:الرقابة الشعبية المباشرة

استنادا إلى فكرة أن الشعب هو أصل السلطات. فتنشط الرقابة الشعبية عندما تمتنع جميع السلطات عن الرقابة الدستورية بنص دستوري يحظر عليها ذلك، بل ويلزمها بالرجوع إلى الشعب، لعرض جميع أو بعض المسائل الدستورية علية في استفتاء عام، فيما إذا كانت أعمال السلطات العامة تتفق مع الدستور أم لا.

ثانياً:الرقابة الشعبية غير المباشرة

هذه الرقابة تتمثل في قيام الشعب بالرقابة عن طريق هيئاته ونقاباته وأحزابه ووسائل إعلامه، وتتمثل هذه الرقابة أيضاً عندما يتحدث الحقوقيين والقانونيين ورؤساء الأحزاب والنقابات، وهم أفراد من الشعب يتحدثون عن مخالفات دستورية في الأنظمة السياسية و يبينوا تلك المخالفات و يشرحوها لبقية أفراد الشعب، ويظهروا أيضاً بعض القوانين التي لا تتفق مع القواعد الدستورية.
غير أنة رغم الإقرار للدستور بالسمو على بقية القواعد القانونية، إلا أن ذلك يبقى مبدأ نظرياً، إذا لم تتوافر الآلية القاطعة والحاسمة لتجسيد هذا السمو واحترامه. وتتجلى هذه الآلية في الرقابة على دستورية القوانين التي تقوم بها الجهة المخولة بذلك. بمعنى عدم مخالفتها للدستور شكلاً وموضوعاً.
وعلى هذا الأساس فعملية الرقابة على دستورية القوانين هي ذلك التحقق والتحري الذي تقوم به الهيئة الـمكلفة بعملية الرقابة قصد التأكد من احترام القوانين لأحكام الدستور، والتعرف عما إذا كانت السلطة التشريعية على الخصوص قد التزمت حدود اختصاصاتها المحددة من قبل الدستور، ومن مدى مطابقة القوانين لروح الدستور وأحكامه.
ويعنى ذلك أن تكون الأعمال القانونية الأدنى درجة من الدستور مسايره وملائمة لفلسفته وأسسه العامة. ولتحقيق مبدأ سمو الدستور، يفترض وجود دستور، يتصف باحترام خاص ومميز عن بقية القوانين، قائم على أساس السمو والعلو لهذا الدستور. وأن هذا الافتـراض يفتـرض وجوده في جميع الدساتير، وذلك انطلاقا من فكرة وفلسفة الدستور القائمة على هذا الأساس.
والواقع العملي لا يتفق مع ذلك، فنجد أن ذلك يتحقق في دساتير معينة ولا يتحقق في دساتير أخرى، ومدى تحقق ذلك يختلف من دستور لآخر وذلك تبعاً لاعتبارات معينة مادية وظرفية خاصة بكل دستور.
عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
 ولكم كل التقدير والاحترام
وسلام الله عليكم جميعا
وسنتناول أيّ موضوع بأفكار ورؤى  جديدة
انتظرونا قريباً
== القادم أجمل ==
طرق الرقابة على دستورية القوانين Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat on 10/04/2016 Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.