الدساتير الحديثة واتجاهاتها الايديولوجية

الدساتير الحديثة واتجاهاتها الأيديولوجية

أولاً: ماهية الأيديولوجيا

هي الفكرة أي لغة الخطاب أي العقيدة الفكرية. فهي مجموعة منظمة من الأفكار التي تشكل الرؤية المتماسكة الشاملة. فهي طريقة لرؤية القضايا والأمور اليومية، من خلال نسق من المعتقدات والمفاهيم التي تسعى لتفسير ظواهر معقدة بمنطق يوجه ويوضح بطرقة سهلة وبسيط الاختيارات الفكرية للأفراد والجماعات. فهي تعبر عن نظام الأفكار المتداخلة، كنظرة عامة للتفسير، والتي يؤمن بها مجتمع ما وتعكس مصالحه واهتماماته.

تاريخ الدساتير:

من قراءة تاريخ الدساتير يتبين لنا أنها ليست حديثة الولادة ولكننا نجد آثاراً لها في العهود القديمة، وبقراءة ماقام به أرسطو نجده قام بجمع 108 دستور تنظم الحياة السياسية في دول الدن اليونانية القديمة وغيرها، غير أن المفهوم الحديث للدستور ظهر في بداية القرن الثامن عشر. وأول الدساتير الحديثة كان دستور الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787م. وتبعه الدستور الفرنسي في سنة 1791 والذي جسد مبادئ الثورة الفرنسية. ولكن الدساتير التي ظهرت مع بداية القرن الــ 18 كانت على أساس أنها عبارة عن مجموعة قواعد قانونية شكلية تختلف عن القواعد القانونية التشريعية. وكانت هذه القواعد خاصة متعلقة بالسلطة السياسية وكيفية ممارستها وانتقالها.

في دول المدن اليونانية القديمة: 

الاتجاهات الأيديولوجية للدساتير الحديثة نشأت وترعرعت ومن ثم برزت الحركة الدستورية ضمن نطاق حضاري غربي عندما وجدت وتم تقنين قواعد التمييز بين الحكام والمحكومين. 

ولهذا فنجد في العصر الروماني:         

أن الأنظمة السياسية درجت على كفالة بيان العلاقة بين الحكام والمحكومين في دساتيرها. سواء كانت هذه الأنظمة السياسية امبراطورية، ملكية، جمهورية.

الأوروبيون وبحثهم عن أصول حضارتهم:

وقد قام الأوربيون بالبحث عن أصول حضارتهم، فوجدو في الأصول المادية والفكرية للتراث الإغريقي ما  يكفيهم من الاستزادة، وفي إشباع رغبتهم في معرفة أصول إدارة شؤون دولتهم القومية، وفي تحديد شكل العلاقة بين الحكام من جهة والمحكومين من جهة أخرى.

ومن هنا قام المفكر الأوربي بالامتثال في استخلاص المفاهيم والمثل العليا للفكر الإغريقي الروماني، وزادوا عليه مع ما ينسجم وواقع دولهم الكبيرة، ويستخلص من الفكر الإغريقي الروماني والذي جاء منسجماً مع واقع المجتمعات الأوروبية المميزة للحركة الدستورية في العالم الغربي وهي ثلاثة:

1)  الثقة في الفرد والاهتمام به والتأكيد عليه، وترجم هذا في الاعتراف بحري الفر سياسياُ واجتماعياً، ومن ثم تقرر مبدأ مساواة الأفراد أمام القانون، ومزاولة حقوقهم في الاقتراع، وحقه بالحياة وبالتمل وبالتنقل.

2)  الإعتقاد في مزايا المناقشة وتبادل الآراء  بهدف الوصول إلى الحقائق المرجوة وبوجود العدالة في المجتمع، واعتماد هذا كمبدأ للتعامل في المجتمع، فالحوار وتبادل الأفكار بين المهتمين يحمل صوراً وأفكار قيمية تتعلق بالحياة العامة والسياسية منها، تقود حتماً إلى تصور معين للحقيقة وإبراز التناقض الحاصل في المجتمع، بهدف التوصل إلى حقائق وصور جديدة وجيدة من السلمات والإيضاحات التي تجعل حياة المجتمع جيدة.

3)  الميل للتنظيم العقلاني بهدف السيطرة على الطبيعة والإنجاز الأكثر، فالتنظيم أصبح المبدأ المتخذ من قبل الفرد في إرساء حياته وتطويرها وتطوير مجتمعه، وكل ما يتعلق بشؤون حياته الاقتصادية والسياسية. ومن هنا نجد أن التنظيم العقلاني قد أرسى قواعد العلاقة بين الحرية للفرد والمستلزمات الضرورية لحرية الفرد ضمن وجود سلطة في المجتمع.

الدساتير من حيث المحتوى الأيديولوجي:

          ====================

هي دساتير برنامج، ودستور البرنامج هو الدستور الذي يحمل في طياته إعلاناً عن توجه السلطة السياسية في الدولة نحو تحقيق برنامج إيديلوجي معين ويحدده الدستور نفسه.

يمكن القول بأن الاتجاهات الأيديولوجية لدساتير العالم قد انفردت كل منها مع وجود المسلمات الأساسية المشتركة إلى إظهار خصائص معينة تنم عن واقع اجتماعي واقتصادي معين وبذلك اختلفت مضامين دساتير العالم وسارت في عدة اتجاهات . فإن السمات الأساسية للدساتير والعمل السياسي تجلت وبعد مسيرة طويلة في طبع الدساتير الغربية بصفات خاصة مميزة عاكسة لواقع مجتمعه وتطوره. فحديثاً أصبح النظام السياسي نظام تمثيلي وليس كما كان عليه الحال في دول المدن اليونانية القديمة. كما أن ممثلي الشعب (النواب) أصبح لهم دور في مراقبة السلطة. وأصبحت السلطة وممثلي الشعب ينوبون عن الشعب ويتحدثون باسمه. وتم وضع مدة محدودة لوكالة عمل ممثلى الشعب والسلطة أيضاً، بهدف كفالة الحرية. كما أن الحرية تعني وبالضرورة اختلاف في الآراء ومن هنا فإن الانتخابات تعني بوجوب الاعتراف بتعدد الاختيار عند الانتخابات. ولذلك فإن العمل السياسي وقراراته تجلت عند الأخذ بها بتوفر الأكثرية وليس الاجماع بالضرورة.

عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك

 ولكم كل التقدير والاحترام

وسلام الله عليكم جميعا

وسنتناول أيّ موضوع بأفكار ورؤى  جديدة

انتظرونا قريباً

== القادم أجمل ==