أنواع الساتير
======
إن دول العالم
مختلفة ومتباينة من حيث تكوينها السياسي، وطرق ممارستها للسلطة، وللدساتير مكانة
متميـزة في الدولة العصرية الحديثة، فالدستور هو القانون الأساسي والأسمى للدولة،
وهو الذي يحتوى على الأهداف الوطنية والغايات المنشودة ويُنظم السُلطات العامة في
الدولة، ويبين حقوق وحريات المواطنين، ومهما كانت عيوب الدستور، فإنه يُساهم بقدر
كبير في دعم الحُرية ويُنظم الصراع على السُلطة، وبهذا تتعدد أنواع الدساتير وطرق
إصدارها بتعدد النظم السياسية، ووفق ظروف المجتمع السياسية وتفاعلها مع التأثيرات
الخارجية، ومع مدى تطور الوعي السياسي والمطالبات الشعبية بالحقوق الدستورية،
وفقاً لما حدث تاريخياً في مختلف الدول.
تتعدد أنواع الدساتير وتختلف أنواعها، باختلاف الزاوية التي ينظر منها، إلى تلك المجموعة التي تبين نظام الحكم ومظاهرة في الدولة فنجد:
الدساتير العرفية، والدساتير
المكتوبة، والدساتير المدونة وغيـر المدونة، والدساتير المرنة والدساتير الجامدة،
والدساتير المختصرة الموجزة والدساتير التفصيلية المطولة، والدساتير الدائمة
والدساتير المؤقتة.
ولكل هذا توجد عدة معايير يتم الرجوع إليها لتحديد نوع الدستور كما
يلي:
أولاً: أنواع الدساتير من حيث المصــــــــــــــــدر الذي تخرج منة
========================================================
1) دستور المنحة:
ويمثل هذا النوع بداية الانتقال من الحكم المطلق إلى الحكم المقيد، ودستور
المنحة يصدر بالإرادة المنفردة للحاكم، أو من السلطة كمنحة وتفضل منة إلى شعبة
كهبة، بمعنى أن يستقل رئيس الدولة بوضع الدستور دون أن يشاركه الشعب، وفية يتنازل
بإرادته هو عن بعض سلطاته شكلياً للشعب، وبما أنة هو الذي منح فمن حقه هو الرجوع
عن ذلك، وتعديل ما يراه هو بحرية إرادته ومطلق اختياره.
2) دستور العقد أو التعاقد أو الاتفاق:
بين الحاكم والمحكومين مباشرةً وبإرادتهما في وضع
وإصدار الدستور، وقد ظهر هذا النوع من الدساتير في مرحلة التوازن بين قوة الحاكم
التي ضعفت ولم تذهب أو تنتهي، وقوة الشعب التي تعاظمت ولكنها لم تسيطر تماماً،
وهذا النوع من الدساتير يصدر بواسطة عمل مشترك بين الحاكم والهيئات النيابية
الممثلة للشعب، بحيث تتفق إرادتهما على ذلك، ولا يجوز تعديله أو إلغائه إلا بإرادة
الطرفين المتعاقدين.
3) دستور الجمعية التأسيسية:
وهذا النوع قائم على مبدأ سيادة الأُمة، حيث تقوم الشعوب
مباشرةً بوضع الدساتير، وباعتبار الشعوب صاحبة السلطة، و بظهور فكرة اختيار الشعب
ممثلين له لتولى مهمة إعداد الدستور باسم الشعب ونيابة عنة، ويسمى أيضاً المؤتمر
الدستوري أو المجلس التأسيسي إذا كان كله منتخباً، وهؤلاء الممثلين للشعب يمثلون
هيئة يتولون باسمها ونيابة عنها، وضع قواعد نظام الحكم في الدولة، ويصبح نافذاُ
هذا الدستور بمجرد وضعة وإقرار من قبل هذه الهيئة التي فوضتها الأُمة.
4) دستور الاستفتاء الدستوري على نص الدستور المراد إصدارة:
وفى
هذا النوع من الدساتير يصدر الدستور عن الشعب صاحب السيادة ومصدر كل السلطات
والسيادة، مما يعنى حكم الشعب بالشعب وللشعب، ومن هنا يقوم الشعب صاحب السيادة
بالاختيار عن طريق الانتخاب، لهيئة أو نوابه كجمعية تأسيسية، أو تشكل لجنة فنية،
وهم جماعة معينة من الأشخاص لوضع مشروع الدستور، وقد يكون هذا الاختيار من قبل
الشعب أو من قبل القوى السياسية الفاعلة أو الجهة الحاكمة، وهنا لا يتخذ الدستور
الصفة الرسمية إلا بعد عرضة على الشعب في استفتاء عام، وفى هذا النوع من الدساتير
تم الاعتراف بأن الشعب هو مصدر السلطة، وصاحب السيادة والسلطة التي يمارسها بنفسه،
من خلال إشراك الشعب في ممارسة السلطة بجوار الهيئة النيابية المنتخبة، ويكون
الشعب رقيباً عليها وعلى السلطة التنفيذية، عن طريق الاستفتاء أو الاقتراع الشعبي،
بالتصويت لأخذ رأى الشعب أو إرادية في أي أمر من الأمور التي اتخذتها سُلطة أخرى
أو تنوى اتخاذه.
ويتم ذلك من خلال ثلاثة أنواع من الاستفتاءات
=====================
أ) الاستفتاء الدستوري:
ويعنى
بشؤون الدستور من حيث الاستفتاء على كتابة دستور جديد، أو على إلغاء دستور قديم،
أو تعديل مواد دستور بحذف بعض فقراته، أو بإضافة فقرات جديدة، بالرجوع إلى الشعب،
ممثلاً في المواطنين أصحاب حق الانتخاب، لإقرار تشريع دستوري ليصبح نافذاً، أو
رفضه، ونبنى على ذلك أن الاستفتاء الدستوري يتفرع إلى فرعين هما الاستفتاء
التأسيسي والاستفتاء ألتعديلي.
ب) الاستفتاء التشريعي:
ويقصد به
استطلاع رأى الشعب بشأن مشروع قانون ما، ليقول الشعب كلمته بالقبول أو بالرفض،
وبهذا يتدخل الشعب مع السًلطة التشريعية لإصدار القانون، وتتضح أهمية أثر الشعب في
مسائل التشريع، ويملك حق مراقبة مشروعات القوانين، وهذا يعكس الدور الفعال للشعب
في مسائل التشريع بالإرادة الشعبية.
ج) الاستفتاء السياسي:
ويقصد
به استطلاع رأى الشعب بشأن تولى شخص معين لمنصب سياسي، كانتخابه رئيساً للدولة
مثلاً، أو أن يبدى الشعب رأيه في السياسة أوفى الأيدولوجيا السياسية أو الفلسفة
السياسية التي ينوى رجل السياسة إتباعها.
ثانياً: أنواع الدساتير من حيث قوة أحكامها وأماكن ومعايير أو أسلوب تعديلها
=================================
1) الدساتير المرنة:
==============
وهى التي يمكن وضعها وتعديلها وإلغائها بنفس الإجراءات والأشكال والسُلطة
التي يتم بها وضع وتعديل وإلغاء القوانين العادية، وبدون إتباع إجراءات معقدة،
ويتم التعديل بواسطة السلطة التشريعية، وتعتبر الدساتير العرفية دساتير مرنة ومثال
ذلك الدستور الإنكليزي،
فالدساتير المرنة تتميز بسهولة التعديل من الجهة المناط
بها سلطة التعديل أو الإلغاء وهى السلطة التشريعية وفقاً لأحكام الدستور، وهذا
الأمر يؤدى إلى المرونة وملائمة الظروف والمستجدات و تطورات الحياة،
ويعاب على
الدساتير المرنة أنها لا تحصن القواعد الدستورية من التلاعب ومن سهولة العبث بها،
كما أن الدستور المرن يفقد أهم مزايا الدستور وهو مبدأ سمو الدستور على كافة
القوانين والتشريعات وبهذا لا يمكنه أن يشكل الضمانة الحقيقية للمواطنين في مواجهة
السُلطة العامة.
2) الدساتير الجامدة:
==================
وهى تلك الدساتير التي تصدر عن هيئة خاصة، وبإجراءات خاصة، مطبوعة بطابع
تمييزي عن طريقة وإجراءات وأشكال صدور القواعد القانونية العادية، وصفة الجمود تسرى
على جميع القواعد الواردة في صلب الوثيقة الدستورية سواء كانت قواعد دستورية موضوعية
أو قواعد دستورية شكلية وتسرى كذلك على القوانين العادية ذات الطبيعة الدستورية. والدساتير
الجامدة هي التي يستلزم تعديلها جملة من الشروط و الإجراءات الخاصة والأشد من تلك
التي يتم بها تعديل القوانين العادية، وتعقيد هذه الإجراءات يشكل عائقاً أمام السلطة
الحاكمة، حتى لا تتلاعب بالدستور وتعدله حسب أهوائها، وغالباً ما تكون تلك
الإجراءات أعقد من تلك المتبعة في تعديل التشريعات العادية، مع العلم أن تلك
الإجراءات ينص عليها عادة في صلب ومتن الدستور، مع ملاحظة أن إجراءات التعديل
للنصوص الدستورية الجامدة تختلف من دستور لآخر حسب درجة جمود الدستور، فكلما كان
الجمود شديداً كانت إجراءات التعديل أكثر صعوبة وأكثر تعقيداً، فالجمود الدستوري
إما أن يكون نسبى أو يكون جمود مطلق.
والهدف
من الدساتير الجامدة هو إعطاء الأحكام الدستورية الثبات والاستقرار، فبالنسبة لحظر
تعديل الدستور فإن واضعي الدستور يستندون ويستعينون عادة إلى نوعين من الحظر:
الأول: الحظر الزمني حيث يتم تحديد فترة زمنية كافية لتثبيت أحكام الدستور قبل
السماح باقتراح التعديل.
والثاني: الحظر الموضوعي لحماية بعض الأحكام والنصوص
المعينة في الدستور بطريقة تحول دون تعديلها أصلاً، حيث يتقرر هذا الحظر بالنسبة
لأحكام معينة تعتبر جوهرية وخاصةً ما يتعلق منها بشكل الحكومة أو بنظام الحكم
المقرر، بهدف تحقيق نوع من الثبات والاستقرار للدستور، وأن القواعد الدستورية لها
المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي القانوني بالدولة، وتتميز الدساتير الجامدة
بالثبات والاستقرار، وتحقيق الاحترام للدستور سواء لدى الشعب أو الهيئات الحاكمة.
ثالثاً: أنواع الدساتير من حيث التدوين
==================
1) الدساتير المدونة:
تكون الدساتير مكتوبة عندما يتم تدوين القواعد
القانونية في وثيقة خاصة بشرط أن تدون بقواعد وإجراءات تختلف عن الأشكال والإجراءات
التي تصدر بها القوانين العادية.
فالدساتير المدونة هي:
الدساتير التي يجب أن يكون أغلبية قواعدها القانونية مجمعة ومكتوبة في وثيقة أو
عدة وثائق رسمية صادرة عن المشرع الدستوري، أي من طرف السلطة المختصة ووفقاً
للإجراءات التي تعتمدها.
وتمتاز الدساتير المدونة: بالدقة
والوضوح، ولها دور كبير في تربية المواطنين وتعريفهم بحقوقهم، وبحدود سلطة الحكام
وبالتالي يمكنهم من مراقبتهم وإقصائهم من السلطة إذا اقتضت الضرورة والصالح العام
ذلك.
والدول
الحديثة بها الدساتير المدونة ماعدا إنكلترا.
ويعاب على هذا النوع من الدساتير: أنها قد تصاب بالجمود وبالتالي لا تساير التطور الذي
يحدث في حياة الدولة والمجتمع داخلياً وخارجياً.
2) الدساتير غير المدونة:
وهى
التي تسمى أحياناً بالدساتير العرفية، وتعتبر الدساتير العرفية الأسبق وجوداً، وهى
التي تتكون قواعدها نتيجة العادة أو التكرار في الشؤون التي تتعلق بنظام الحكم
والعلاقة بين السلطات.
إن
هذا النوع من الدساتير تستند إلى العرف ولا تضمها وثيقة خاصة.
فالعرف هو: عبارة عن تصرف مادي وسلوكيات معينة تقوم بها مؤسسات الدولة أو بعض المؤسسات، ولا يحصل اعتراض على هذه السلوكيات بصفتها تتميز بوصف قانوني وتتعلق بالسلطة وممارستها، وكل ما يلحق بذلك من أعراف وتقاليد و مبادئ عامة، أو قيم أخلاقية تتبلور عبر الزمن في مجتمع ما لسنوات طويلة، حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم، فتصبح مشكلة للدستور أو المصدر الرئيسي له.
والعرف بهذا له ركنين: الركن المادي المتمثل بالسلوك، والركن المعنوي المتمثل بحصول الرضا عن هذا السلوك بوصفه قانوناً ملزماً.
والدساتير
العرفية يغلب عليها طابع المرونة، لكونها تتغير وتتبدل بقواعد عرفية جديدة تلغى
القواعد القديمة دون إتباع إجراءات معينة أو شروط خاصة.
وهناك
الدساتير الدائمة والدساتير المؤقتة، فالأصل في الدساتير أن تكون دائمة. وهناك نوع
من الدساتير يسمى دستور القانون يكتفي فيه بتحديد المبادىء القانونية العامة في
الدولة، دون تطرقه إلى طبيعة النظام الاقتصادي المتبع. ونوع آخر يسمى دستور برنامج
وهو الذي يتم من خلاله تحديد النهج الاقتصادي الذي تسير عليه الدولة.
وعموماً يمكن القول:
===============
بأن الدساتير قد تتفق في معظم المضامين التي تحتويها ، كالقيم الاجتماعية، وعلاقات السُلطات ببعضها، وحقوق الأفراد وحرياتهم، بيد أن هذه الدساتير مختلفة كما ذكر في الأنواع السابق ذكرها عالية، وهناك نوع من الدساتير المفصلة والدساتير الموجزة، إن أغلب دساتير العالم هي التفصيلية وهى الأفضل، لأنها لا تحتاج إلى كثرة التعديل ، كما أنها تُنظم الأمور الدستورية تنظيماً واضحاً وصريحاً.
عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
ولكم كل التقدير
والاحترام
وسلام الله عليكم جميعا
وسنتناول
أيّ موضوع بأفكار ورؤى جديدة
انتظرونا قريباً
==
القادم أجمل ==
أنواع الساتير
Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat
on
10/04/2016
Rating:

ليست هناك تعليقات: