Top Ad unit 728 × 90

News

recent

تأملات في نشأة الكون ومصير النفس ج9


 


نظريات علمية تناولت مواضيع في

 نشأة الكون

ومعرفة الطبيعة

ومصير البشرية


النظريات العلمية التي تناولت المواضيع المختلفة عن نشأة الكون ومعرفة الطبيعة ومصير البشرية:

من النظريات بوجه عام وبإيجاز، التي تناولت موضوعات سر خلق هذا الكون، نجد أنه في مطلع القرن العشرين ، وفرت نظرية النسبية لــ "اينشتاين" الأرضية العلمية لفهم الزمان والمكان. ووفرت نظرية الكم الأرضية العلمية لفهم المادة والطاقة. ووفرت نظرية الانفجار الكبير للكتلة الميكروسكوبية التفسير العلمي لوجود العناصر الكيميائية في الكون بالنسب التي هي عليها، ووفرت نظرية الجسيمات الأولية معلومات عن هذه الجسيمات. إن هذه النظريات والعديد من النظريات قدمت السيناريو الشامل لنشأة المادة في الكون والتنبؤ بوجود خلفية كونية حرارية على شكل أمواج مايكروية ، إن هذه الخلفية تم اكتشافها بالفعل فيما بعد . وتوجد نظرية مهمة للعالم البريطاني " بيتر هيجز" التي قدمت رؤية لفرضية أن الفضاء الخالي يحتوي عل حقل من الطاقة يسمى الآن "حقل هيجز" . وهناك جسيمات دون الذرية مختلفة الكتلة ، وبعضها منعدم الكتلة ، أدى تفاعلها وسط هذا الحقل من الطاقة إلى اكتساب الجسيمات كتلتها حسب حجمها ، لكن في ظل هذه الجسيمات العائمة في حقل هيجز ، هناك جسيم مفقود هو سر التحرك الكوني للجسيمات الذي وهب صفة الكتلة لكل الجسيمات الذرية الأولية ، وهذا يفسر طريقة عمل بقية مكونات ومركبات الكون . وبالفعل تم فيما بعد رصد جسيم له خصائص مشابهة لما يعرف بــ " بوزون هيجز " المسئول نظرياً عن اكتساب المادة كتلتها ، وشكل نشأة الكون في أعقاب الانفجار العظيم.
إن هدف أية نظرية هو أن تفسر أكبر عدد ممكن من الظواهر . وهي تتبرر بمقدار ما تجعل هذه الظواهر مفهومة . إنّ التطور العلمي يرى المفاهيم القديمة ضيقة الأفق ويستبدل بها مفاهيم جديدة ، لهذا نجد في أعمال رواد العلم الذين أوجدوا دروب تطور جديدة وغير منتظمة ، وكذلك نجد مغامرات الفكر العلمي ترسم للعالم صور تتغير باستمرار ، وللخطوات الحاسمة دوماً لها صفة ثورية . ومن هنا ظهرت العديد من النظريات العلمية التي تفسر ذلك وتحاول الإجابة على الأسئلة السابق ذكرها ، فمن النظريات الرئيسة : نظرية الكون المتسع (المفتوح) التي ترى أن هذا الكون سيظل ممتداً إلى مالا نهاية . ونظرية الكون المغلق التي ترى أن هذا الكون سيظل في تمدد مستمر ثم يأتي الوقت الذي يتراجع فيه الكون إلى الانكماش ويعود إلى حالته الأولى. وأيضا نظرية الكون المتذبذب بين الانكماش والتمدد وتري هذه النظرية أن الكون سيكون متردد بين الانكماش والتمدد حيث يكون هناك أوقات ينكمش فيها الكون وأوقات أخرى يتمدد فيها.

وبشكلٍ عام توجد العديد من النظريات التي تناولت مواضيع نشأة الكون والحياة. ونأخذ من هذه النظريات بإيجاز، النظريات الآتية:

نظرية الانفجار العظيم:

نظرية الانفجار العظيم لكتلة ميكروسكوبية أو ذرة بدائية، وهي نظرية في علم الكون الفيزيائي والتي تفسر نشأة الكون، وإعادة الخلق مرة أخرى، وتفسيرها لنشأة المجرات. بوجه عام، نجد أنه بينما يشعر بعض الفلكيين وعلماء الطبيعة بأنهم لا يستطيعون تفسير منشأ الكون المتمدد إلا على أساس حدث مفاجئ كانفجار كتلة ميكروسكوبية مكدسة من الذرات هي الذرة البدائية، نجد علماء الأحياء لا يحتاجون إلى انفجار أو مفاجأة لتفسير بداية الحياة.
أما نظرية الانفجار الكبير التي تفسر البدايات الأولى للخلق وتكون مادته، والغوص في جزيئات الكم لمحاولة فهم اكتساب المادة كتلتها الأولى في مسار تشكل الكون. فأصحاب هذه النظرية يرون أنه كان العالم قبل الانفجار العظيم عالم بدون معالم. لم تكن سوى ظلمة قاتمة فسيحة . وكانت المادة حينذاك مفتتة ومخففة إلى ما يقرب من الفراغ التام. ولذلك لم يكن يحوى حجم . بمعنى أنه لم يكن هنا إلا رشفة واحدة من المادة. ولم يكن هناك نور، ولم يكن هناك زمن. ولا حدود أو علامات.
ولقد أنجز الكون رحلة طويلة جداً في عملية نشوء الكون وتطوره، بدأت بأصل المادة ووقت تكونها وتولدها من فراغ تام لا نهائي. ففي نظرية الانفجار نجد أن بداية الكون كانت كتلة هائلة ضخمة مركزة تكدست فيها كل ذرات المادة. ولكن في نظرية الحالة الثابتة فترى أن الكون لا نهائياً من حيث الزمن، ليست له بداية، وتتجدد فيه المادة وتتولد باستمرار. ثم بدأت مرحلة ثانية في عملية التطور لمادة غير حية وهي نشأة الحياة بعد حدوث ثورة هائلة، حيث تولدت مادة حية تتوالد وتتكاثر، من خلال حدوث تغيرات بسيطة بطيئة في البداية. ومن خلال التوالي الكبير تتراكم التغيرات الصغيرة وتتزايد آثارها الضئيلة. ثم حدثت مرحلة ثالثة في هذا التطور هي مرحلة نشوء الإنسان، فأخذت المادة صورة جديدة لم يسبق لها مثيل، كانت تجديداً جذرياً تاماً للمادة، من التطور الكوني. هذه التطورات لا تغطي من الماضي إلا قدراً ضئيلاً على المقياس الكوني. إن أصل المادة الأولى ما زال في الوقت الحاضر مشكلة خارج نطاق التكهن المثمر، ويجب أن نأخذ المادة على ما هي عليه دون نقاش. ولا توجد نظرية توضح كل تفاصيل عملية تكون المجرات من المادة.
لقد كانت المادة الأولى مادة خام عديمة التنظيم ومنعدمة التنسيق، وتبلغ من القدم حداً يصعب معه الوصول إلى تفسيرات مؤكدة لحدوثها ولتفسير بدايات الأشياء. وكما أن للأشياء بداية فلها أيضاً نهاية في كل مكان ، هذه النهايات للأشياء هي العملية الخلاقة التي تؤدي إلى التجديد في وسط الفصول والدورات المتكررة غير المتطورة ، وإلى تكوين أشكال ونماذج جديدة معقدة غير متوقعة . وفي هذا الإطار يكون الموت نتاجاً ثانوياً وحدثاً عرضياً بالنسبة للحدث الأصلي.
ويرى أصحاب نظرية الانفجار أن الكون كله كان مضغوطاً في جزيء ذري واحد سماه العلماء الذرة البدائية أو الحساء الكوني أو البويضة الكونية أو الكتلة الميكروسكوبية التي أبعدها أصغر من أبعاد الذرة بكثير. وأن حجم هذا الجزيء الذري كان يساوي صفر ولكن كتلته كانت لا نهائية. مما يعني أن الكون كان عبارة عن طاقة خالصة.
ومادة الكون ـــ أو الحساء الكوني ــــ كانت في البداية مركزة مكدسة معاً في كتلة شديدة الكثافة من الذرات، وكأنها قنبلة مركزة تنتظر لحظة التفجير. ثم وقع انفجار عظيم وهائل لهذه الذرة البدائية والتي كانت تحتوى على مجموع الطاقة والمادة، وبدأ التفجير فجأة بشرارة من الإشعاعات. وفي اللحظات الأولى من هذا الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة حيث خلقت فيها أجزاء الذرات ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات ومن هذه الذرات تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد ، ثم تكونت النجوم والكواكب ولازالت تتكون وفي غضون ذلك كله كان الكون وما زال في حالة تمدد وتوسع.
وما زالت المادة التي تناثرت بفعل الانفجار تسرع إلى الخارج في الفضاء في صورة غازات وإشعاعات ومجرات في كون متمدد متزايد . هذه المادة المبعثرة منتشرة ــــ في صورة سحابة ــــ انتشاراً ضئيلاً دون أي نظام وفي صورة بدائية بسيطة ، ثم حدثت ولازالت تحدث تكثفات وتجمعات ذرية طبقاً لقوانينها الخاصة ، والتي لم تنته إلى نهاية ولن تقف عند حد.
لقد أدى هذا الانفجار العظيم للكتلة الميكروسكوبية إلى ظهور جزيئات ذرية جديدة، التي أعقبتها فجأة ظهور مخلوقات كونية عديدة وهائلة ، وإلى وجود مفهومي الزمان والمكان . فمن الوضع القريب من العدم ينشأ كل شيء من لا شيء.
وباستعراض الكون من خلال تفتيت الزمن لمعرفة الطريقة التي تترتب بها المادة في الكون . ولمعرفة عالم المجرات من خلال السفر بعيدا عن سطح الأرض ، وللتعرف على المجموعة الشمسية ، وما فوق المجموعة الشمسية ، وما فوق الطريق اللبنية أو مجرتنا التي سميت بذلك، كل هذا بالسفر في الطريق الفضائي الضخم من خلال اندفاعنا بسرعة في الفضاء لقطع مسافات شاسعة تجعل من المستحيل علينا معرفة التفاصيل لكل ما نمر به في هذه الرحلة ويندر الاقتراب منها بدرجة كافية . في هذه الرحلة لم نصل إلى حدود الكون لو كانت له حدود . ولكن الرحلة تدلنا على بضع حقائق هامة عن كيفية تنظيم الأشياء في عالمنا المعروف. كما أن المجرات تختلف في أشكالها وتنظيماتها ونماذجها المتباينة الأنواع الدائمة التغير . وهذا يؤدي إلى إعادة تشكيل المادة باستمرار . والمجرات قليلة العدد متباعدة جداً في مساحات شاسعة من الفضاء المفرغ تماماً تقريباً . وتوجد في كل مكان من الفضاء كميات ضخمة من المادة تكونت أو تتكون . هذا عن المجرات . أما الكون فهو مكان يبدو شفافاً خفيف الكثافة يتميز عن الفراغ التام بوجود آثار من المادة متكتلة ومنتظمة في مجموعات متناثرة فيه، هذه الآثار هي في الواقع العامل المميز بين الوجود والعدم. أما عن الفضاء الذي تسبح فيه المجرات ، فهو أفسح وأضخم كثيراً لأن المادة ضئيلة إذا ما قورنت بما حولها من فضاء . هذه المادة مازالت تتناثر بفعل الانفجار في صورة غازات وإشعاعات ومجرات في كون متمدد متزايد ، وتسرع هذه المادة إلى الخارج في الفضاء.

الإطار العلمي لنظرية الانفجار العظيم:

ولنظرية الانفجار العظيم إطار علمي يفهم من حلول معادلات تسمى معدلات الحقل في النظرية النسبية "لآينشتاين"، وهي التي استنتج منها أن الكون يتمدد أو ينكمش ولا يجب أن يكون ثابتاً . ثم جاء اكتشاف "أدوين هيل" حيث اكتشف أن ضوء المجرات البعيدة ينزاح نحو الأحمر مما يؤكد أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض، وأنّ المجرات الأبعد تبتعد بسرعات أكبر ، وهذا يؤكد أن الكون يتمدد وكل شيء يبتعد عن كل شيء في هذا الكون المتمدد. ثم اكتشف العلماء بالصدفة الإشعاع المتولد من الانفجار العظيم ، حيث وجدوا أن هناك إشارات راديوية تصل إلينا من كل أنحاء الكون . ومن خلال الصور الملتقطة للكون ، فلقد فسرت إحدى الصور وجود هذا الإشعاع الميكروي الذي يتخلل كوننا المرئي والذي يعتقد بأنه من بقايا الانفجار الكبير ، وبتحليل هذه الصورة تبين وجود نقاط صفراء وحمراء وخضراء هي عبارة عن مجرات ونجوم مشعة إشعاعاتها قوية ، بينما توجد خلفية بلون أزرق هي عبارة عن إشعاعات ضعيفة موجودة في كل مكان ، ووجود اللون يدل على أن هناك إشعاع يأتي من كل أنحاء الكون ، والتفسير الوحيد له أنه ناتج عن الانفجار ألبدئي وكان في كل أنحاء الكون وفي نفس لحظة ولادة الكون.

آثار توسع الكون:

مفهوم توسع الكون هو أنّ كل شيء في كوننا يتباعد عن بعضه البعض. وأنّ الانفجار العظيم ليس انفجاراً في الفضاء بل توسيعا للفضاء ذاته، بل أشبه بانفجار الفضاء ذاته. كما أن كل ما هو موجود هو ضمن الكون حتى الخلاء من ضمن الكون ، كما أن الكون لا يتوسع في فراغ سابق له بل يتوسع بالنسبة لذاته . كما أن الكون يتسع ولكن الأشياء المتماسكة داخله لا تكبر. كما أن هذا التوسع بذاته لا يولد قوة ولكنه يضيف بالتأكيد قوة جديدة إلى تلك الأشياء ، هذه القوة الجديدة لا تجعل الأشياء تتوسع أو تنكمش . كما أن المجرات تتباعد عن بعضها نتيجة للانفجار ألبدئي أو نتيجة لتوسع الكون ولكنها تبقى بنفس الحجم . مما يدل على أن الفضاء بين المجرات وبيننا هو الذي يتسع ، فالكل في مكانه سواء الساكن فيه أو المتحرك فيه يتباعد نتيجة لتوسع الفضاء . وكأنه أشبه بنقط على جسد بالون يتسع فيتسع جسد البالون وتبقى النقاط في مكانها على هذا الجسد ولكنها تتباعد عن بعضها البعض . كما أن توسع الكون يمدد جميع موجات الضوء عندما تنتشر.
إنّ توسع الكون يؤدي إلى برودته ، فعندما يتسع الفضاء تتمدد الموجات الضوئية ، وإذا تضاعف حجم الكون أثناء رحلة الموجات فستتضاعف معه أطوال هذه الموجات معه أيضاً وتنخفض طاقتها إلى النصف، مما يؤدي أو يؤكد أن الكون يبرد مع الزمن. ومع تمدد الكون وبرودته ، انفصلت الجاذبية عن القوى الأخرى، وبعد وقت قصير انفصلت القوة النووية القوية عن القوة الكهروضعيفة ، وهو الحدث الذي صاحبه إطلاق مهول للطاقة المخزنة حفز على زيادة حجم الكون ، وهذا التمدد السريع ، المعروف بفترة التضخم ، أدى إلى تمدد المادة والطاقة وصقلهم بحيث صار أي تفاوت في الكثافة بين أحد أجزاء الكون والجزء المجاور له أقل من جزء في المائة ألف . ومع استمرار الكون في البرودة انفصمت القوة الكهروضعيفة إلى كل من القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة ، وبهذا اكتملت القوى الأساسية الأربع للطبيعة . ويعد مفهوم توسع الكون واحداً من المفاهيم الأساسية في العلم الحديث ، وهو مع ذلك من أكثر المفاهيم التي أسيء فهمها على نطاق واسع.
وترى أو تتنبأ نظرية الانفجار العظيم، لكتلة ميكروسكوبية، بأن الزمن والمكان بدأ في جزء أولي من اللحظة التي أصبح فيها الكون بويضة كونية أو لذرة بدائية . هذه اللحظة هي لحظة ميلاد الكون . فتوسع الكون وحدثت تغيرات كثيرة في كلاً من الزمان والمكان ولكل أشكال المادة والطاقة والقوى الكونية ولكل الأشياء وبدأت تتشكل الحياة وبدأ التطور للكل.

 أما عن نشوء المجرات وهو ما تفسره نظرية الانفجار: 

ويبدو أن الأشياء تطاير بعيدة عن بعضها في الفضاء . استمر الكون خلال المليار سنة الأولى من عمره ، في التمدد والبرودة مع تركز المادة بفعل الجاذبية في تجمعات ضخمة أطلق عليها اسم المجرات . وفي نطاق حجم الكون المرئي لنا وحده تكوَّنتْ مائة مليار مجرة من هذه المجرات ، وكل واحدة منها احتوت على مئات المليارات من النجوم التي تحدث تفاعلات الاندماج النووي الحراري في قلوبها . واستدل أصحاب هذه النظرية على حدوث الانفجار العظيم بعدة ظواهر هي: ظاهرة الاتساع المستمر للكون. وظاهرة الخلفية الإشعاعية التي نتجت عن هذا الانفجار ، ومن اللحظة الأولى لعملية الانفجار الكوني العظيم وانتشار الإشعاع في كل مكان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة ، وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل تكون المجرات . وتوجد ظاهرة أخرى هي ظاهرة نسب العناصر المكونة لمادة الكون . وهذه النسب تؤكد أن للكون بداية.

وطبقاً لنظرية الانفجار أن الكون له عمر في نشأته بدأ من أجزاء من الثانية الأولى للانفجار العظيم للكتلة الميكروسكوبية أو الذرة البدائية. فلقد نشأ الكون خلال فترات زمنية هي إجمالاً:

تقضي نظرية الانفجار الكبير أو البيج بانج، للكتلة الميكروسكوبية أو الذرة البدائية. أن الكون تمدد بسرعة من حالة المادة الأولية العالية الانضغاط ، مما نجم عنه انخفاض ملموس في درجتي الكثافة والحرارة وعقب ذلك مباشرة هيمنت المادة على ما يعرف بقرين المادة أو ضدها بسبب عمليات عدة نشأة خلالها أنواع متعددة من الجسيمات الأولية ، وتلت هذه المرحلة بثوان برودة الكون لدرجة أدت إلى تكون نواة الذرة. وكل هذا يدل على أن للكون بداية، وأنه مستمر في التطور. ويمكن تتبع كل ذرة في أجسامنا رجوعاً إلى لحظة الانفجار الكبير والأتون النووي الحراري الذي اعتمل في قلوب النجوم عالية الكثافة. كما أن سلوك المادة والطاقة والمكان والزمان، وكيفية تفاعلها بعضها مع بعض. وتفاعل هذه الشخصيات في الدراما الكونية الخاصة بنا هو أساس الظواهر البيولوجية والكيميائية جميعها. وعلى هذا يبدأ كل ما هو جوهري ومألوف لنا نحن الكائنات الأرضية. نحن لسنا موجودين في الكون وحسب بل نحن جزء منه. إننا مولودون منه. 


وطبقاً لنظرية الانفجار نجد أن ميلاد الكون كان يشار إليه عادة باسم النموذج القياسي لعلم الكون. مما يعني أن الكون انبثق عن حالة إنضغاط لا نهائية ، وهو الآن في حالة تمدد بعد الانفجار العظيم الأولي . وهذا الكون مر في نشأته بعدة مراحل خلال فترات زمنية . بدأ من أجزاء من الثانية الأولى للانفجار العظيم أو البيج بانج كما يلي: 


إنه في المرحلة الأولى منذ 15 مليار سنة تقريباً انبثق الكون من حدث طاقيَّ فري هائل ، لفظ كل الفضاء والمادة . وبمرور الزمن تمدد الكون وأخذ يبرد، وأثناء ذلك بدأت المادة الكونية من البلازما الأولية المتجانسة والمتوهجة تشكل دوامات وتجمعات. فعند الانفجار الهائل كانت الأشياء كلها وثيقة الاختلاط في كتلة ميكروسكوبية . وتفترض نظرية الانفجار الكبير لهذه الذرة البدائية أنه في المراحل الأولى قد تكون مادة الكون كلها تشغل حيزاً صغيراً بالفعل، وكانت على درجة حرارة عالية جداً. وقد كانت هذه الكتلة الميكروسكوبية الملتهبة تتمدد بسرعة كبيرة ، وكانت تبرد أثناء تمددها.   
ففي الفترة الزمنية الأولى وهي زمن الصفر المطلق، مرحلة ما قبل الزمان (مرحلة التفرد) فلا وجود للذرات والجسيمات الأولية، وكان الكل مندمج في كتلة ميكروسكوبية مشكلاً شيء غامض لا يمكن معرفة كنهه. هذا الزمان لا يخضع لأي قانون فيزيائي. ويبقى زمن الصفر المطلق زمن غامض لا تفسره الرياضيات الفيزيائية. ثم أتى زمن سمي بالحائط، وهو نقطة من الزمن، ولا يعرف ماذا خلف هذا الحائط.
     والمرحلة الثانية بدأت بعد حوالى جزء من مائة ألف جزء من الثانية تقريباً بعد الانفجار الكبير أصبحت الأشياء باردة بما يكفي لتتجمع الكواركات معاً في مجموعات من ثلاثة ، مكونة البروتونات والنيوترونات . وتمكن الفيزيائيون النظريين من أن يستنبطوا أنه بدأت بعد حوالي جزء من مائة من الثانية أصبحت الأمور صالحة لتكوين أنوية بعض أخف العناصر في الجدول الدوري لتبدأ في التجمد من بلازما الجسيمات التي تبرد . حيث أصبحت هذه الكتلة الميكروسكوبية أو الكرة البدائية الملتهبة مزيجا متشابكاً من الإشعاع والمادة يتفاعل بسرعة وبعنف في درجة حرارة رهيبة، ويتمدد بسرعة بالغة. وفي هذا الزمن الأقل من الثانية حتى واحد ثانية ، في هذا الزمان وبسبب شرارة من الإشعاعات بدأ التفجير فجأةً . وما زالت المادة تتناثر بفعل هذا الانفجار وما زال الكون يتمدد ويتزايد. وكان قطر الكون في هذا الزمان أصغر من قطر نواة الذرة. وكانت القوى الأربعة الموجودة الآن في الكون وهي القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية ، هذه القوى كانت متحدة مع بعضها مكونة نوع من الطاقة . وكانت الحرارة في هذه الفترة الزمنية تتعدى حدود الحرارة القصوى التي تنهار وراءها جميع القوانين الفيزيائية المعروفة اليوم . وكانت مادة الكون مكونة من قسيمات بدائية غير موجودة الآن ، وكانت هذه القسيمات البدائية تتفاعل فيما بينها بشكل مستمر ، وكان الكون يكبر ويتمدد بشكل دائم حتى وصل من حجم أقل من نواة الذرة إلى حجم شكل كري قطره عشرة سنتيمترات . كانت الحرارة أعلى من أن تسمح للذرات بالوجود ، وأعلى حتى من أن تسمح للنوى المعقدة للذرات من أن تترابط . وبتمدد هذه الذرة البدائية النارية ابتدأت تبرد ، لتمر بمراحل متعددة في توال سريع ، تحدث في كل منها عمليات معينة بنسب أدنى وأخرى بنسب أعلى ، بسبب انخفاض الحرارة في كل مرحلة عن السابقة لها . واستمر الكون يكبر واستمر يبرد .
      ثم في فترة زمنية تالية هي أجزاء تالية من الثانية حدث شيء مهم ألا وهو بدأت تختفي جميع التقسيمات البدائية تاركة المجال للباراتيكولات وهي أصغر الأجزاء المكونة للمادة المعروفة الآن . كذلك أخذت القوى الأربعة أخذت في التفكك والانفصال . كذلك نتيجة لاستمر الكون في التوسع مع انخفاض درجة حرارته ، وعند مرحلة معينة لاحقة من أجزاء من الثانية (أقل من الثانية) ، وما بعد هذه الفترة فإن العديد من الدقائق بدأت بالتكون ، وهذه الدقائق تتضمن الفوتونات ونيوترينوات والالكترونات و الكواركات ، وهي التي سوف تصبح المادة التي تبنى منها كتلة المادة والأحياء التي نعرفها اليوم . وكان حجم الكون ألف ضعف حجمه السابق .
     والمرحلة الثالثة من ميلاد نشأة الكون ، وفي هذه الفترة الزمنية التي تبدأ من واحد ثانية وحتى ثلاث دقائق ، كانت درجة حرارة الكون عشرة بليون درجة مئوية ، وكان الكون مؤلف من فوتونات والكترونات ، والجزيئات الذرية الفرعية مثل النيوترون والبروتونات . ومع استمرار الانخفاض في درجة الحرارة فان البروتونات أصبحت أكثر شيوعاً حتى وصلت نسبتها حوالي سبعة أضعاف النيترونات ، واتحد كل نيوترون مع بروتون ليشكلا زوجاً يسمى بالدوتيروم التي تجمعت لتكون نوى عنصر الهليوم ، الذي يحتوي على 2بروتون و 2نيوترون ، واستمرت هذه العملية حتى اندمجت كل النيوترونات مع البروتونات لتكوين الهليوم ، واختفت جميع النيوترونات من الكون . وهذا يعني أن الهليوم يشكل ما يقرب من ربع مكونات الكون. فخلال الدقائق الثلاث ، وعندما برد الكون الملتهب إلى حوالي مليار درجة ، فإن الأنوية السائدة والتي انبثقت كانت أنوية الهيدروجين والهليوم ، مع كميات ضئيلة من الديوتيريوم (الهيدروجين الثقيل) والليثيوم . وهذه الفترة تسمى التخليق النووي البدائي .  
     ثم نأتي للمرحلة الزمنية الرابعة من عمر ميلاد أو نشأة الكون وهي التي تبدأ من ثلاث دقائق وحتى مئة مليون عام . وبعد ثلاث دقائق انخفضت الحرارة عما سبق، وهنا يمكن أن تشكل بعض النوى الخفيفة ثم تبقى دون أن تحطم، وبعد ما يقرب من نصف ساعة انخفضت درجة الحرارة إلى 350مليون درجة وعندئذ توقف تخليق نوى جديدة. وفي المليون سنة التالية استمر الكون يتسع ويبرد حتى تمكنت النوى من أسر الإلكترونات لتكون ذرات ثابتة. ففي هذه الفترة الزمنية التي تبدأ من 3دقائق وحتى 100مليون عام بدأ تكون الذرات بعد 300 ألف عام، وانخفضت درجة الحرارة، مما سمح لذرات الهيدروجين بالظهور والبقاء دون فناء. وبعد برودة الكون ظهرت الذرات المتعادلة بكثرة . وتجمعت الذرات المتعادلة مكونة غيوماً غازية ، ومن هذه الغيوم ظهرت النجوم الأولية وغدا الكون شفافاً وأصبح الضوء ينطلق لسنوات ضوئية دون مواجهة خطر الامتصاص ، وأصبحت الرؤية ممكنة من هذا الوقت . ثم في نهاية هذه المرحلة وفي المرحلة التالية أخذت المادة في التكثيف إلى مجرات ونجوم . وبعد حوالي 32مليون سنة بعد عملية الانفجار العظيم إلى اليوم بدأ خلق أغلب العناصر المعروفة بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم حتى تكون عنصر الحديد في داخل المستعرات المتوهجة العظمى ، وتكونت العناصر الأعلى وزناً من نوى ذرات الحديد باصطيادها اللبنات الأولية للمادة المنتشرة في صفحة السماء .
     ثم نأتي للمرحلة الزمنية الخامسة وهي التي بدأت من 100مليون سنة إلى الآن . وعندما بلغ الكون خمس حجمه الحالي ، فتشكلت المجرات الفتية من تجمع النجوم . هذه النجوم تتجمع في قوافل كبيرة ومجموعات تسمى المجرات . وعندما بلغ الكون نصف حجمه الحالي تكونت المجاميع الشمسية التي تتكون من نجم واحد يدور حوله عدد من الكواكب في مدارات خاصة بكل كوكب . أما منظومتنا الشمسية المسماة بدرب اللبانة فقد تكونت بعد 10بليون سنة من حدوث الانفجار العظيم ، عندما كان حجم الكون ثلثي حجمه الحالي . وبسبب حدوث هذا الانفجار الكوني الأول استمر العالم منذ ذلك الوقت في الاتساع . أما استمراره في التمدد إلى مالا نهاية أو تباطؤه حتى يتوقف ويرتد على نفسه فيعتمد على ضخامته نفسها. بمعنى أن الكون سيظل يتسع إلا إذا كانت كتلته من الضخامة بحيث توقف الجاذبية هذا التمدد في نهاية الأمر وتعكسه. فإذا كان الأمر كذلك، ففي وقت ما في المستقبل البعيد سينهار هذا الكون على نفسه في واقعة مأساوية أخرى.

وإجمالاً لما سبق:

 فإن نظرية الانفجار الكبير لذرة بدائية أو كتلة ميكروسكوبية تفترض أن مراحل نشأة الكون كان منذ 15000 مليون سنة حيث حدث انفجار هائل لذرة بدائية ، فتولدت كل أشكال المادة والطاقة والفضاء والزمن ، وتبِعّ هذا الانفجار عمليتي تمدد وتغير مستمرين . وافترض أصحاب هذه النظرية أنه منذ 15000مليون عام كان الكون عبارة عن ذرة بدائية أو نقطة غازية ضئيلة الحجم جداً، وذات ضغط ودرجة حرارة عالية. وأدى الضغط الهائل والحرارة الشديدة إلى انفجار هذه الذرة البدائية أو هذه الكرة الصغيرة ، فتباعدت كل مكونات الكون عن بعضها البعض لتبدأ عمليتي التمدد والتغير . وخلال الثلاث الدقائق الأولى من الانفجار اندمجت الجسيمات الذرية مكونة سحب من غازي الهيدروجين والهليوم ، اللذين كونا المجرات والنجوم والكون عبر الملايين من السنين . كما أن هذا التمدد والتغير في الكون مازال مستمراً إلى الآن ، بفعل هذا الانفجار . كما أن حجم الكون غير معلوم لأنه في حالة تمدد مستمر نتيجة حركة المجرات المستمرة والمنظمة في التباعد عن بعضها البعض . كما أنه بعد دقائق من الانفجار كانت درجة الحرارة 10000مليون درجة ، فاندمجت الجسيمات الذرية مكونة سحب من غازي الهيدروجين والهليوم بنسبة 75% هيدروجين و 25% هليوم ، اللذين كونا المجرات والنجوم عبر ملايين السنين . وبعد 1000مليون سنة تلاحمت المادة في كتل . وما بين 2000 : 3000مليون سنة نشأة أسلاف المجرات ، حيث ساعدت الجاذبية في تجمع مزيد من كتل المادة تاركة مناطق فارغة في الفضاء . وبعد 3000مليون سنة بدأ تشكل المجرات . وبعد 5000مليون سنة اتخذت مجرتنا درب التبانة أو طريق اللبانة شكلها القرصي . وبعد 10000ملين سنة ولدت الشمس ونشأت الأرض والكواكب . وبعد 12000مليون سنة بدأت أشكال الحياة الأولى على الأرض. وبعد 15000مليون سنة الكون كما نراه الآن. وخلاصة القول لقد نشأ الكون متجانس الأجزاء تقريباً لكن مع عملية التمدد والتغير أخذت المادة تتلاحم بداخلها كتل وساعدت الجاذبية في تجميع المزيد منها تاركة مناطق من الفضاء الخلوي وفي نهاية المطاف أنتجت مناطق تجمع المادة والنجوم والمجرات.
وهناك مجرات أخرى كالكرات الوضاءة ، ومنها مالا شكل له ولا نظام ، ومنها ما هو بيضاوي ، ومنها أشكال خيطية مقوسة . وبالسرعة التي تتباعد بها عنا المجرات القديمة وتبهت وتختفي عن مجال بصرنا يحل محلها عدد مساو لها من المجرات الجديدة التي تتكون من مادة جديدة تتخلق باستمرار بنفس السرعة الكافية اللازمة للإبقاء على نفس السرعة الكافية اللازمة للإبقاء على نفس الكثافة السكانية للمجرات في الفضاء . وهذه السرعة ضئيلة جداً ومع هذا تكفي هذه السرعة لتكوين مادة جديدة في الكون كله.
هذه المجرات واحدة بعد الأخرى ، تختلف في أشكالها وتنظيماتها ونماذجها المتباينة الأنواع ، الدائمة التغيير . وتتألف كل مجرة من مجموعة خاصة محددة تتألف من بلايين النجوم التي تتحرك جميعاً معاً وتظل معاً كوحدة واحدة . وتنتشر في كل اتجاه بعد حدود مجرتنا التي نعيش فيها ، مجرات أخرى تسبح في الفضاء كأقراص مضيئة ، وسحب من النجوم تسرى في الفضاء إلى أبعد ما نستطيع الرؤية . وكل هذا يؤدي إلى إعادة تشكيل المادة باستمرار . وهذه المجموعات الدائرة المتحركة تمتص خيوطاً والمواد المبعثرة المنتشرة بين النجوم . وهكذا نجد في كل مكان كميات ضخمة من المادة التي تكونت أو تتكون . هذه المادة غير المنتظمة الموجودة في الكون المتمدد المنتشر هي الخامة الأولى للمجرات العديدة.

 بشكل عام توجد العديد من النظريات التي تناولت مواضيع نشأة المجموعة الشمسية منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث، نذكر منها إجمالاً:

النظريات القديمة التي فسرت نشأة المجموعة الشمسية مثل ، نظرية "إيمانويل كانت" التي ترى أن المجموعة الشمسية كانت عبارة عن مجموعة هائلة من أجسام صلبه تسبح بسرعة ، ونتج عن احتكاكها ببعض أن انفصلت عن بعض وتكون السديم الذي أخذ يبرد وكون المجموعة الشمسية . ونظرية أخرى هي نظرية "لا بلاس" الذي يرى أن المجموعة كانت تتكون من سديم وعندما برد انفصلت بعض أجزائه وكونت المجموعة الشمسية.
النظريات الحديثة التي فسرت نشأة المجموعة الشمسية مثل نظرية الكويكبات لــــ "توماس تشمبرلين" حيث يرى أن المجموعة الشمسية انفصلت من الشمس ثم بردت أجزائها وتكونت المجموعة الشمسية . ونظرية أخرى هي نظرية الشمس التوأمية لـــــ "راسيل" حيث يرى أن شمسنا كانت عبارة عن زوجين متقاربين في مدارهم ، وتكونت المجموعة من احد التوأمين . وتوجد نظرية السحب السديمية لـــــ "فايسكر" وهذه النظرية تشبه نظرية لابلاس . وأخيراً نظرية السوبر نوفا لــــ "هويل".
وعن نشأة الحياة فتوجد حقيقة شبه مؤكدة وهي أنها، أياً كان الزمان والمكان اللذين نشأة فيهما الحياة، فلابد قد بدأت منذ زمن طويل جداً، زمن يصعب لاتساعه أن نكون فكرة واقعية عنه. فضخامة الزمن الذي مضى تفوق قدرة إدراكنا المباشر.

عزيزي الزائر - تابعنا في الجزء 10  
عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
 ولكم كل التقدير والاحترام
وسلام الله عليكم جميعا
وسنتناول أيّ موضوع بأفكار ورؤى  جديدة
انتظرونا قريباً
== القادم أجمل ==
تأملات في نشأة الكون ومصير النفس ج9 Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat on 11/30/2016 Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.