وظائف الدول | ما المقصود بوظائف الدول
وظائف الدول | ما المقصود بوظائف الدول
=========
المقصود بوظائف الدول:
إن المقصود بوظائف الدولة أي مضمون نشاطها وحدوده ونطاقه وأهدافه ولا ينصرف المعنى إلى الوظائف القانونية المتمثلة في التشريع والتنفيذ والقضاء. فالدولة وجدت أساساً لتحقيق الخير لمجموع الأشخاص الذين ينتسبون إليها، وللوصول إلى هذا الهدف تعمل الدولة في اتجاه الرغبة في تدعيم حريات الأفراد والجماعات منعاً لاستبداد الحكام وأيضاً تمكين الأفراد من أن ينعموا بحياتهم.
وظيفة الدولة من وجهة النظر العصرية:
وبديهي أن الدولة شأن ثقافي بحت، لأن وظيفتها، من وجهة النظر العصرية، العناية بسياسة المجتمع وترتيب علاقات أجزائه في شكل نظام يعين الحقوق والواجبات إما بالعرف والعادة (في الأصل) وإما بالغلبة والاستبداد. فهي إذن شأن من شؤون المجتمع المركب، ولا وجود لها إلا في المجتمع وكذلك السياسة لا وجود لها بدون الاجتماع.
وظيفة الدولة من حيث كونها ظاهرة سياسية:
الدولة كظاهرة سياسية – اجتماعيه، قامت من أجل ممارسة السلطة والسيادة على كامل إقليمها المحدد، وفى إطار ذلك تعتمد على جملة من الحقوق والواجبات تجاه مواطنيها، مما يترتب عليه جملة من المهام أو الوظائِف التي يجب القيام بها، ويعتمد بشكل كبير، استقرار واستمرار الدولة، على مدى إمكانية السلطة السياسية فيها بأداء وظائفها على الوجه المطلوب حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
وظائف الدولة قسمين وظائف أساسية و وظائف ثانوية
فالوظائف الأساسية هي:
الأعمال التي تنحصر في سعى الدولة إلى المحافظة على سلامتها من الداخل والخارِج، وإقامة العدل بين السكان، وهذه الوظائف تعبر عَن الحد الأدنى لما يَجِب أن تقوم به أي دولـه وتعبر عن أدنى حد لواجباتها فهي مرتبطة أيضاً مع وجودها ولا خلاف عليها.
وأما الوظائف الثانوية:
فهي التي تتمثل في أعمال أخرى ثانوية تقوم بها الدولة بهدف تحقيق خير الجماعة وإسعادها وتتعلق بِالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهذه الأعمال مازالت محل اختلاف ظاهر بين الدول المعاصرة، وذلك لاختلاف المذاهب أو الأيديولوجية الذي تنتمي إليه كل دولـة من الدول، أي اختلاف مجموعة من الأفكار الأساسية التي تنبثق من العقائد والقيم المتصلة بتراث حضاري معين لتصور بصفة شاملة ما هو كائن وما سيكون لترسم بذلك إطاراً لحركِة الجماعة السياسية وتحدد معالم أهدافها.
وإجمالاً
فأن مسألة وظائف الدولة من المسائل المهمة التي لازمت قيام المجتمعات البشرية، حتى وإن اختلفت تبعاً لجمله من المعطيات، والتي مِن أمها التوجه الفكري للدولة، والتوجه الإستراتيجي بناءً على الظروف الخاصة، والمعطيات الدولية والإقليمية، وغيره من الظروف والعوامِل الموضوعية والذاتية، ولقد اتسعت دائرة المهام الموكلة للدولة تبعاً لاتساع مضمون فكرة النظام السياسي.
النظريات التي تناولت وظائف الدولة الأساسية
هناك جملة مِن النظريات تناولت الوظيفة الأساسية للدولة، إلا أنها اختلفت في هذا الشأن واتفقت في قدر معين يتمثل في ثلاثة مرافق على الدولة القيام بها تتمثل في:
1) مرفق الدفاع
لأداء وظيفة الدفاع عن الدولة، وهدفه تأمين الدولة ضد أعدائها الخارجين والدفاع عن نفسها، وتعد الدولة العدة لذلك بإنشاء القوة المسلحة بمختلف أشكالها لحماية حدودها وحماية استقلالها وسيادته.
2) مرفق الأمن
لأداء وظيفة الأمن الداخلي للدولة، ويسمى البوليس للحفاظ على النظام العام بما يتضمنه من أمن وحماية، وذلك من خلال الضرب على أيدي العابثين من أبناء الدولة والخارجين عن القانون، حيث يقع على عاتق الدولة واجب الأمن داخل حدودها، لحماية أرواح الأفراد وممتلكاتهم، وبث الطمأنينة والسلام، واحترام حقوق المواطنين والرعايا، وتكريس المساواة في الحقوق والواجبات لأفراد الشعب، وذلك بتطبيق القوة المشروعة، ولضمان تحقيق ذلك، فعلى الدولة أن تنشأ المؤسسات القانونية التي تتولى هذا الشأن.
3) مرفق القضاء
لأداء وظيفة العدالة، وهدفه حسم المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والهيئات سلمياً لإقامة العدالة بين المواطنين، وذلك بصون مصالحهم، عن طريق جهاز للقضاء يتولى العدالة بناءً على تشريعات تسنها الدولة.
وظائف الدولة الفرعية أو الثانوية
أما
ما يطلق عليه الوظائِف الفرعية أو الثانوية:
فهي تلك الوظائف المتعلقة بالجوانب الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية، والتي تتطلب تدخل الدولة من أجل رفاهية الأفراد وسعادتهم.
إلا أن هناك ثلاث مذاهب مختلفة حول قيام الدولة بالتدخل في هذه المجالات والتي حدث خلاف بين النظريات في شأنها، وكان الاختلاف يعتمد أساساً على تباين نظامين اقتصاديين هما:
النظام الليبرالي أو المذهب الفردي الحر:
وهذا الاتجاه أنكر على الدولة تخليها عن دورها في هذه المجالات، ويرى بأنها يجب أن تكتفي بالقيام بالوظائِف الأساسية.
وأما النظام الاشتراكي:
فقد أعطى للدولة الحق في التدخل بلا حدود في هذه الميادين.
ثم حدثت محاولات للتوفيق بين التوجهين لطرح نظرية ثالثة هي:
المذهب الاجتماعي:
وهو اتجاه ثالث يأتي كحل وسط بين الاتجاهين السابقين حيث يسمح للدولة بالتدخل جزئياً في المجالات التي تحظى بأهمية كبرى وأن تترك بقية الميادين للنشاط الفردي.
وظائف الدولة في ظل الأنظمة المختلفة:
أولاً: وظائف الدولة في ظل النظام الليبرالي الحر
انتشر هذا المذهب في أواخر القرن أل 18، إن الأفكار التي تقوم عليها الأنظمة الحرة تجِد أساسها الفلسفي في المذهب الفردي أو الذي يسمى بمذهب عدم التدخل، إذ يحصر هذا المذهب وظيفة الدولة في أضيق حد ممكن، فهو يشجع روح التنافس والابتكار، فتكثر الخيرات ويزداد التطور وكل ذلك في صالح المجتمع، وبالتالي فإن الملكية الخاصة ضرورية للفرد، فتترك الدولة للأفراد ممارسة مختلف أوجه النشاطات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك في حدود القانون أي أن تقوم بدور الرقيب والمشرف على تحقيق النشاط حتى لا يتعارض مع وظيفتها الأساسية كدولـه حارسة.
وطبقاً لهذا المذهب فإن الدولة لا تمارس إلا تلك الوظائِف التي تسمح لها بالحفاظ على كيانها وبقائها لمواجهة العدوان الخارجي والحفاظ على الأمن والنظام داخل إقليمها، وبالتالي فإن وظائفها تنحصر في مرافق الدفاع والأمن والقضاء، وتعتبر أن تجاوز هذا الحد يؤدى إلى المساس بحقوق وحريات الأفراد.
ولكن بسبب الحرب العالمية الأولى، وبسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وجدت الدولة نفسها مضطرة للتدخل لحل مشاكلها ومواجهة الأزمات، وبالتالي تخلت عن مفهوم الدولة الحارسة، وتبنت مفهوم الدولة المتدخلة.
أهم الانتقادات التي تعرض لها هذا المذهب الذي حصر وظائف الدولة في نطاق ضيق هي:
أ) نظراً لأن هذا المذهب يضيق دائرة نشاط الدولة مما يعيقها من تحقيق المصلحة العامة عندما لا تستطيع تنظيم جهود الأفراد بحجة أتركه يعمل أتركه يمر، وعدم التدخل هذا من طرف الدولة الخاصة في المجال قد أدى أهدار مبدأ المساواة، ولأن الحرية الاقتصادية لم تسمح إلا بقيام الرأسمالية الكبيرة والاستغلال، وما المناداة بحقوق الأفراد إلا مناداة شكلية واسمية تتمتع بها الطبقات الغنية فقط مع عدم قدرة الطبقات الفقيرة على الممارسة الفعلية لهذه الحقوق.
ب) كما أنه توجد مسائل حيوية تهم مجموع الأفراد كالصحة والتعليم لا ينبغي أن تترك في أيدي الأفراد بل لابد من التدخل الدولة لتسيير هذه النشاطات الحيوية بالمجتمع حتى يتم تحقيق مبدأ المساواة للأفراد فيها.
ج) إن هذا المذهب يفتقد إلى الأساس العلمي عندما يقول بوجود حقوق للفرد سابقة على وجود المجتمع وهذا أمر غير منطقي، ذلك أن تمتع الفرد بأي حق من الحقوق لا يكون إلا في داخل المجتمع وليس خارجه وذلك لأن الفرد يمارس حقوقه في مواجهة المجتمع أو في مواجهة أفراد المجتمع، كما أن التاريخ لم يثبت حتى الآن أن الإنسان قد عاش منعزلاً قبل الدخول في المجتمع السياسي ذلك أن الإنسان اجتماعي بطبعه.
ثانياً: وظائف الدولة في ظل النظام الاشتراكي
يعد القرن ألــ 21 هو بحق قرن الاشتراكية، حيث وجدت فيه الأفكار الاشتراكية طريقها للتطبيق العملي الناجح، ولكن معتنقي هذه الأيديولوجية انقسموا في أفكارهم ومعتقداتهِم هذه إلى معتدلين وإلى متطرفين، وبالرغم من هذا الانقسام هناك خصائص مشتركة بينهم نلخصها في الآتي:
1) من الناحية السياسية :
تؤمن هذه المذاهب بأن المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة، ويتم تطبيق هذا التوجه فعلا وعملياً.
2) من الناحية الاجتماعية:
تهدف هذه المذاهب إلى إلغاء الفوارق الاجتماعية بين الطبقات أو الفِئات المختلفة داخل المجتمع.
3) من الناحية الاقتصادية:
تهدف هذه المذاهب إلى القضاء على الرأسمالية وتحويل أغلب وسائل الإنتاج على الأقل ملكية عامة.
كما أنه توجد نقاط خلاف جوهرية فيما بين الأفكار أو المذاهب الاشتراكية المعتدلة منها والمتطرفة، نلخصها في الآتي:
أ) بالنسبة للملكية الخاصة:
نجد الاشتراكية المتطرفة ترى ضرورة إلغاؤها نهائياً، أما الاشتراكية المعتدلة فتقتصر على وجوب جعل أغلب وسائل الإنتاج ملكية عامة وتبقى الملكية الخاصة في نطاق ملكية وسائل الاستهلاك أو وسائل الإنتاج الصغيرة.
ب) أما بالنسبة لتوزيع الدخل القومي :
فترى الاشتراكية المتطرفة أنه يوزع بحسب حاجات كل فرد عند وصولها إلى مرحلة الشيوعية، في حين ترى الاشتراكية المعتدلة أن توزيع الدخل القومي ينبغي أن يكون بحسب عمل وظروف كل فرد.
ج) أما النظام النقدي :
فترى الاشتراكية المتطرفة ضرورة إلغائه عند بلوغ مرحلة الشيوعية، فيحصل كل فرد على حاجاته عيناً، في حين ترى الاشتراكية المعتدلة صورة استمرار النظام النقدي فيحصل الأفراد على نصيبهم من الدخل القومي في صورة أجور ومرتبات نقدية.
د) وبالنسبة لموضوع الدولة: فترى الاشتراكية المتطرفة أنها نظاماً مؤقتاً يزول بزوال الصراع الطبقي عند مرحلة الشيوعية، وهذا بخلاف الاشتراكية المعتدلة التي ترى أن الدولة نظام لابد منه.
ه) وأما بالنسبة لموضوع التحول إلى الاشتراكية:
فترى الاشتراكية المتطرفة أن التحول لا يمكن أن يتم إلا بالعنف والقضاء على الخصوم وإلغاء الملكية الفردية عن طريق المصادرة واستيلاء الطبقة العاملة على السلطة لتحكم ديكتاتورياً تمهيداً للشيوعية، في حين ترى الاشتراكية المعتدلة ضرورة أن يتم التحول الاشتراكي بوسائِل ديمقراطية بعيدة عن العنف والدكتاتورية.
ومن هنا نخلص إلى:
أن وظيفة الدولة الاشتراكية تهدف أساساً إلى تحقيق العدالة، وذلك عن طريق تدخلها وتملكها لوسائل الإنتاج والقضاء على الاستغلال والمنافسة بين الأفراد وتوزيع الإنتاج بينهم من خلال إعلاء مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد.
الانتقادات التي تعرض إليها هذا المذهب الاشتراكي من قبل المذاهب الأخرى، أهمها الآتي:
أ) القضاء على نشاط الأفراد وإضعاف روح الابتكار عندهم وذلك نتيجة حرمانهم من حق الملكية.
ب) تعويض استغلال الطبقة الرأسمالية لجهد العمال باستغلال آخر يتمثل في الطبقة البيروقراطية والتقنوقراطية، ومحترفي السياسة.
ثالثاً: وظيفة الدولة الحديثة في ظل المذهب الاجتماعي
هذا المذهب يقف موقفاً وسطاً بين المذهبين السابقين (الفردي و الاشتراكي)، إذ يتلخص موقف هذا المذهب في وجوب العمل على إصلاح المجتمع عن طريق تدخل الدولة مع الاحتفاظ بالقيم المعروفة كالدين والأسرة والملكية الفردية وحرية التعاقد مع التوسع في مدلول هذه المصطلحات وتطويرها بما يتفق وحاجات المجتمع الجديد.
كما أنه يحق للدولة التدخل قدر اللزوم لتحقيق تلك الأغراض، إن هذه الوظيفة الحديثة حولت الدولة إلى متدخلة في جميع المجالات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك بسبب ارتباط مختلف النشاطات بِبعضها البعض، الأمر الذي يستلزم تدخل الدولة لتنظيم هذه النشاطات بطرق مختلفة، فضلاً عن أن هذه النشاطات تهم الأفراد والدولة مكلفة بحماية مواطنيها، حيث لم تعد وظيفة الدولة تقتصر على الأمن والدفاع والقضاء.
بل أصبح كل ما يتصل بالفرد يهم الدولة، فغدت الدولة تهتم بالتعليم وتنظمه وتشرف عليه، وكذلك تهتم الدولة بالنشاطات الاقتصادية بل وتمارسها، وتشجع الفن، وتحمى الطبيعة وما إلى ذلك مِن أوجه الحياة التي تقتضى تدخل الدولة بهدف التنمية وتوفير كل ما يحتاجه الفرد والجماعة بتوجيه الإنتاج الاقتصادي والثقافي وتنظيم توزيعه بما يضمن استدراك التخلف الذي عرفته بسبب قلة مواردها المختلفة أو بسبب سوء استعمالها.
كما يهدف تدخل الدولة إلى إشباع الحاجات العامة والمتزايدة والمتشابكة وتهيئة المناخ الاقتصادي والاجتماعي الملائم للممارسة الفعلية للحقوق والحريات (الدفاع عن الفرد وعن الجماعة ضد البطالة والفقر)، فمن الناحية الاقتصادية فإن هذا المذهب يأخذ بفكرة الاقتصاد الموجه، بمعنى أن الدولة تتدخل لتوجيه بعض نواحي الحياة الاقتصادية دون أن تقضى على المبادرات الفردية فتدخل الدولة يهدف إلى تحقيق أغراض محددة مثل السيطرة والسيادة على ثرواتِها الطبيعية، وإقرار العدالة الاجتماعية أو مكافحة البطالة وغير ذلك، أي تدخل الدولة لإشباع الحاجات العامة والمتزايدة والمتشابكة وتهيئة المناخ الاقتصادي والاجتماعي الملائم للممارسة الفعلية للحقوق والحريات.
وفي الختام
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاكم
ويشرفنا تواصلكم معنا ، وستجدون كل المواضيع
في كتب اطلبوها وانتظروها وتواصلوا معنا لتصلكم
الكاتب والباحث/ محمد فرج
ahwalaldoalwalmogtmat.blogspot.com
aldoalwaalmogtmatwalnas@gmail.com
https://www.facebook.com/profile.php?id=100013909621565
https://twitter.com/ahwalaldoalwal3

ليست هناك تعليقات: