Top Ad unit 728 × 90

News

recent

الـدولـــة العصرية الحديثة


الدولة في العصر الحديث أصبحت بإرادة الشعب دولة الدستور والقانون والأنظمة والمؤسسات

الـموضوع يتناول الآتي

الأفكار التي تتميز بها الدولة العصرية. الدولة بمعناها الحديث. الدولة الحديثة والعدالة الدستورية. الدولة الحديثة والمجتمع الدولي. الحكومة أو السلطة العامة أو السلطة السياسية أو ما يُعرف بالسيادة. الأركان القانونية للدولة. مدلول كلمة حكومة وأشكال وأنواع الحكومات المختلفة. الشخصية المعنوية والقانونية للدولة.الدستور وبناء دولة عصرية حديثة.

مقــدمــــــة:
الدولة العصرية الحديثة أصبحت في الحاضر لها معايير قانونية مُلزمة. و أصبحت الدولة ذاتها أداة لخدمة الشعب، والسهر على راحة المواطنين. الدولة العصرية ألآن يحكمها الدستور والقانون الصادر بإرادة الشعب، وتتكون من أنظمة ومؤسسات. والسبب هو التطور الذي حدث لشكل الدولة، وكذلك تنامي الوظائف التي تقوم بها.

الدولة والطموح البشري:

منذ القدم والدولة تعد مجال اهتمام كبير لدى الفقهاء ورجال القانون والسياسة والمثقفين عامة، واتخذت مفاهيم متعددة عبر العصور عندما تكونت الأسر والعشائر والقبائل، إلى أن أصبحت دول كما هي الآن. والحديث عن الدولة عموماً، حديث متشعب الجوانب، متعدد الموضوعات، متباين الأغراض والاتجاهات، بعيد المناحي والأهواء، لأنه حديث يتصل بالطموح البشري بوشائج كثيرة ومتعددة، وبالتالي يحتاج منا بذل الكثير من الجهد والبحث لتتبع خيوطه، وننسج ملامحه، فهو حديث قديم قدم المجتمع الإنساني، والدوله تمثل فيه حضوراً فاعلاً ومؤثراً لا يمكن لأحد أن يتجاهله أو يقلل من أهميته وأبعاده، ولا يمكن لصفحاتٍ قلائل أن ترسم صورة للدولة التي ترافق وجودها مع وجود الاجتماع البشري، وكانت معه في كل الأحداث وشاهداً على مسيرة الحياة وبناء المجتمعات الإنسانية. 
واختلف العلماء في تحديد أصل نشأة الدولة، بسبب صعوبة حصر كل الظروف والعوامل التي ساهمت في تكوينها. كما أن المُجتمع السياسي الحديث يتخذ صورة الدولة وليس المملكة.

الأفكار التي تتميز بها الدولة العصرية:

الدولة العصرية الحديثة تتميـز بالتفرقة بينها وبين شخص القائم بالحُكم، كما أن مصدر السُلطة العامة في الدولة الحديثة مدني.

الدولة بمعناها الحديث:

فالدولة بمعناها الحديث عبارة عن شخص معنوي عام لمُجتمع مُستقر يملُك من السيادة ما يُحقق الغرض الذي أنشئ من أجلة، ويُباشر هذه السيادة نيابة عنة بعض أفراد هذا المُجتمع.

الدولة كظاهرة اجتماعية تاريخية:

كما أن الدولة من حيث أنها ظاهرة اجتماعية تاريخية فهي كائن معنوي عام ينتمي إلى عالم الفكر.

معنى كلمة دولة:

ومعنى كلمة دولة أي الحالة السياسية المُستقرة لمؤسسات الدولة التي قاعدتها الاجتماعية الشعب، أي أن طبقة الحكام في المجتمع السياسي تُقابلها طبقة المحكومين، والدولة تُعبـر عن التضامن الاجتماعي القائم على الاختلاف السياسي، وتعبـر عن التشخيص القانوني للمُجتمع، وهي الوحدة القانونية التي تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سُلطات قانونية معينة في مواجهة الشعب المُستقر على إقليم محدد، وتُباشر حقوق السيادة بإرادتها المنفردة وعن طريق استخدام القوة المادية التي تحتكرها.

مكونات الدولة:

وإذا كان الإنسان قد اخترع فكرة الدولة ليتخلص من الخضوع وإطاعة إنسان آخر، وإذا كان مُصطلح الدولة ينطبق عندما تتجمع أربعة عناصر هي (تجمع بشرى – وإقليم - و سُلطة - ونظام اجتماعي واقتصادي وسياسي وقانوني).
وبمعنى توضيحي آخر أن الدولة لها مكونات سوسيولوجية، ومكونات قانونية.
فالعناصر السوسيولوجية هي العناصر التي تعبر عن الوجود المادي للدولة والتي تعنى:
1)  الإقليم.
2 )  الشعب.
3) السُلطة السياسية.

وبعد أن تستكمل الدولة وجودها المادي ينبغي أن تتوافر لها عناصر قانونية لتكون مخلوق قانوني وهذه العناصر هي:

 1) الشخصية المعنوية التي تميزها عن شخصية الأفراد وتجعلها مستقلة.
 2)وعُنصر السيادة أي تكون الدولة صاحبة السلطة الأعلى على باقي المؤسسات العامة ولا تسمو عليها أية سُلطة لا داخل الدولة ولا خارجها.
3)  وعنصر الاعتـراف والإقرار بوجود الدولة على المستوى الوطني من قبل المجتمع الدولي، وإنشائها كشخص من أشخاص المجتمع الدولي.
ومع كل هذا فإن فكرة الدولة شيء يعلو ذلك كله ووجودها لا ينتمي إلى طائفة الظواهر القابلة للملاحظة، إن فِكرة الدولة تنتمي إلى مملكة العقل، ولا وجود لها إلا على صعيد الفكر، ومع هذا لا يُمكن لأي إنسان أن يستبعد أو يدعي أنه لايعرف أهميتها في الحياة اليومية لكُل فرد، ونحن نُنسب إليها مع إنها كائن افتراضي.

الإنسان وقبول فكرة الدولة:

إن فكرة الدولة قُبلت لإيجاد تفسير مُقنع لجميع المظاهر التي تبلور وجود ونشاط السُلطة السياسية، وبغير فكرة الدولة ينهار الكثير مما حولنا، ومن هنا يمكن القول بأن الدولة تستجيب لمتطلبات مُعينة ضرورية يحتاجها التكوين السياسي للمُجتمع في فترةِ زمنية مُعينة من فترات تطوره ونموه، وتظل الدولة باقية رغم ذِهاب الحُكام، وتضمن الدولة تقارُباً بين الأفراد مع اختلاف وِجهات نظرهِم وانقسامهم إلى أحزاب.
لقد ساهمت فكرة الدولة في فصل السُلطة عن أشخاص الحُكام، الأمر الذي ترتب عليه أنة من المُمكِن مُسائلة الحُكام، وتضمن للمحكومين وسائل مُراقبة الحكام وإقصائِهم إذا استدعى الأمر ذلك.
فالدولة في المرحلة الحالية من مراحل التطور ذات وجود لا يمكن إنكاره، حيث تسعى الدولة إلى تحقيق نظام اجتماعي مُعين.

المقصود بالنظام الاجتماعي:

والمقصود بالنظام الاجتماعي تنظيم الحياة في المُجتمع لضمان حِماية واستمرار الجماعَة، وتوفير السلام في علاقات الأفراد بعضهم ببعض، من أجل تحقيق تقدُم الجماعة وازدهارها، وفى سبيل الوصول إلى هذا الهدف تعمل على المُحافظة على نوع من السِلم في العِلاقات الاجتماعية الداخلية والخارجية، وتلجأ الدولة غالباً إلى التشريع واللوائح حتى لا تترك الأمور بلا تحديد.

وسائل الدولة لمواجهة المشاكل التي تدور في المجتمع:

هناك وسيلتان أمام الدولة لمواجهة المشاكل التي تثور في المجتمع:
الوسيلة الأولى: هي حل كل مُشكلة على حِدة وهذا حل غير علمي وغيرَ فعال.
الوسيلة الثانية: هي إنشاء مؤسسات مُتخصصة في مشاكل مُعينة لإيجاد الحلول العِلمية والواقعية لكُل مُشكلة.
والدول الحديثة جميعا تُقيمْ مؤسسات مُتخصصة مثل التعمير والتعليم والصحة .. الخ، وكل سُلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور، لأن الدستور هو سند وجود هذه السُلطات وهو مصدر شرعيتها وهو الذي أعطاها ما تمارسه من اختصاصات.

الدولة الحديثة والعدالة الدستورية:

وكما أن العدالة الدستورية رُكن أساسي في بناء الدولة الحديثة فهي راعية التناسُق في المنظومة القانونية، وضمانة الحقوق والحُريات والانتظام العام ووحدة المجتمع، فالعدالة الدستورية أساس العدالة، وشرط العدالة الدستورية أن يكون الدستور عادلاً وأن تأتى القوانين مُتفقة ومُنسجمة معه وتُحقق العدالة التي يَنُصُ عليها.
                                                      ****************************
الدستور هو التعبير الحقيقي لصورة الأحلام التي حلم بها المجتمع وكتبه صفوة أونخبة معينة تعبر عن المجتمع، فهو أسمى وأقوى وأرقى مرجعية، وهو التعبير الجامِع عما ارتضاه المواطنون كثمرة تجربةْ وخِبرةْ، وأحياناً ثمرِة مُعاناة مشتركة. وهو المعبر عن ماذا يريد المواطنون لمستقبل وطنهم وحياتهم.
                                                       **********************

الدولة الحديثة والمجتمع الدولي:

تمثل الدولة الحديثة العنصر الأساسي في مكونات المُجتمع الدولي المُعاصر المؤلف بالدرجة الأولى من دول ذات سيادة.

وتُعرف الدولة بأنها: مجموعة من الأفراد مُستقرة في إقليم مُعين تخضع إلى سُلطة سياسية، هذه السلطة مكلفة بتحقيق مصالح المجموعة، وتنظيمهم، والمحافظة على سلامتهم، وهذه الدولة ملزمة بالخضوع إلى قانون يُحد من تسلُطِها.

والدولة في العصر الحديث:  هي جماعة من الناس مُنظمة سياسياً تبسط سيطرتِها على إقليم مُحدد يتمتع بالسيادة.

والدولة عند فقهاء القانون الدستوري هي:  شعب يستقر في أرض معينة ويخضع لحكومة منظمة.

والأركان القانونية للدولة هي:  الشعب ، والأرض أو الإقليم ، والحكومة أو السلطة العامة أو ما يُعرف بالسيادة. ونشرحها بشئ من التفصيل في الآتي:

الأركان القانونية للدولة

إن المفاهيم والرؤى التي حاولت التصدي إلى موضوع الدولة ، تدور كلها حول فكرة أنها جماعة من الأفراد تقيم على أرض معينه بصفة دائمة ومستقرة وتخضع لسلطة سياسية عليا ذات سيادة.
ومن خلال هذا الطرح يمكن إجمال أركان الدولة حيث  تقوم الدولة على أركان ثلاثة أساسية هي:

أولاً: الشعب:

وهو مجموعة مِن الناس تُشكل كيان اجتماعي له هوية واضحة وخصائِص مُميزة، ويتكَون الشعب مِن مجموع كبير من الناس تجمعهُم الرغبة في العيشْ المُشتركْ على الدوام في حدود إقليم الدولة بصفةٍ مُستقِرة، ويخضعونَ لسُلطانِها وسيادتِها سواء كانوا يحملون جنسيتِها أم لا، فهم القوة البشرية للدولة و يُمثلون المحور الأساسي لقيام الدولة، وتُعتبر كثافة السُكان عامِلاً هاماً في ازدياد قوة الدولة ونفوذها.
إن مفهوم الشعب يتغير بفعل العوامل الاقتصادية والسياسية والتاريخية، فمفهوم الشعب يجب أن يكون ديناميكياً، فيُعرف الشعب في بعض التعريفات على أنةُ مجموعة من الأفراد يقيمونَ على أرض الدولة ويخضعون لسُلطة واحدة ككيان مُتجانس لهم نفس اللغة والدين والعرق ككيان اجتماعي.

وهُناك فرقٌ بين مفهوم الشعب ومفهوم السُكان ومفهوم الأمة:

الشعب بمعناه العام يشير إلى مجموعة الأفراد يستقرون في إقليم الدولة التي يتمتعون بجنسيتها فهم رعاياها أو مواطنيها. كما أنهم ركن من أركان الدولة حيث يقيمون في إقليمها ويتمتعون بجنسيتها، ويعيشون في إطار واحد من الثقافة والعادات ضمن مجتمع واحد وعلى منطقة جغرافية واحدة. ووجود الشعب يعتبر ظاهرة سياسية واجتماعية معاً:
الشعب كظاهرة سياسية تتمثل في ارتباط مجموعة من الأفراد بنظام سياسي معين ويتمتعون بحق الممارسة السياسية وخاصة حق الانتخاب، ويسمون جمهور الناخبين. ويشير مصطلح الشعب إلى مجموعة من الأفراد أو الأقوام هم مجموعة من السكان يتوافقون على العيش معاُ في ترابط وانسجام فوق إقليم الدولة ويرتبطون بها برابطة سياسية قانونية تفرض عليهم الخضوع للسلطة العامة فيها في مقابل تمتعهم بجنسية الدولة وحمايتها لهم وكفالتها لحقوقهم وحرياتهم العامة.
الشعب كظاهرة اجتماعية فمعنا أن كافة أفراد الشعب يقيمون على إقليم الدولة وتحت رعايتها، ويسمون رعايا الدولة الوطنيين. والشعب كظاهرة اجتماعية أوسع نطاقاُ منه كظاهرة سياسية.
أما مصطلح سكان فهو مصطلح واسع يشمل أو يحتوي كل من يقيم على إقليم الدولة، سواء كان من الشعب أو من الأجانب الذين لا ينتسبون إلى جنسية الدولة، ويربطهم بالدولة إقامتهم فقط على أرضها.
ولهذا ينقسم السكان إلى نوعان: 
النوع الأول تربطه بالدولة رابطة سياسية قانونية وتُعرف بالجنسية ، وهؤلاء هُم المواطنون يخضعون للسُلطة السياسية داخل الوطن وخارجة أو ما يسمى بالحماية الدبلوماسية.
والنوع الثاني هُم الأجانب لا يتمتعون بالجنسية ولكنهم يخضعون لسُلطان الدولة وتربطهُم بها رابطةْ الإقامة أو التوطُن ، وبعبارة أخرى مواطني الدولة ورعاياها.
أما الأمة فهي ظاهرة اجتماعية وتاريخية وثقافية لأنها تكونت نتيجة لارتباط السكان بمقومات مشتركة مثل اللغة والتاريخ والعادات والأصل والعقيدة والمشاعر والإحساس بالانتماء المشترك والرغبة في العيش معاً نتيجة الروابط والعوامل المشتركة. الأمة اصطلاح يشير إلى مجموعة من الناس تربطهم الروابط الثقافية أو اللغوية أو  جغرافية معينة. والأمة الواحدة من خصائصها أنه يلزم فيها درجة من التجانس والاندماج. وقد تقوم الأمة دون أن تتشكل الدولة.

ثانياً: الأرض أو الإقليم  وهو  يتكون من ثلاثة عناصر هي:
1)  العنصر البَرى      2) العنصر المائي        3) العنصر الجوى

ولقيام الدولة لابد من وجود رقعة من الأرض يُقيم عليها أفراد الشعب على وجه الدوام والاستقرار ويسمى بالعُنصر البرى وهو العنصر الأصلي الذي تضمهُ حدود الدولة، فالأرض أو الإقليم هو النطاق الجغرافي الذي تتمتع الدولة في داخلة بكامل السُلطات التي يُقررها القانون الدولي وتُباشر فيه الدولة سُلطتها.

وإقليم الدولة يتكون من ثلاثة عناصر هي:

1)  اليابسة أي العُنصر البرى الذي يتحدد بحدود طبيعية مثل الجبال أو البحار أو بحدود اصطناعية ويَضُم كل ما يحتويه سطح الأرض إضافة إلى الثروات الطبيعية.
2)  والعُنصر المائي هو كل المُسطحات المائية التابعة لليابسة ويشمل الجزء الساحلي من مياه البحر العامة المجاورة لشواطيء الدولة وكذلك المياه الداخلية في حدودها من البُحيرات والأنهار الداخلية.
3)  والعُنصر الجوى هو المجال الجوى أو الفضاء الذي يعلو كلاً من الأرض والبحار الخاضعة للدولة وفقاً لقواعد السلوك الدولي، ولكُل عُنصر أهمية شديدة في نظر الدولة سواءٌ في المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي.

ثالثاً :الحكومة أو السلطة العامة أو السلطة السياسية أو ما يُعرف بالسيادة

وتتمثل السيادة في وجود هيئة تُمارس وظائف الدولة بسلتطها، هذه الهيئة هي الحكومة، وأهم ما يُميز الحكومة هو أنها تُمثل داخلياً وخارجياً، وأن تكون قادرة على ممارسة اختصاصاتها بفاعلية، سواءٌ في مواجهة الشعب أو العدوان الخارجي.
فالسُلطة السياسية تعرف بأنها قدرة التصرف الحر التي تباشر بحُكم سِموِها حُكم الناس، عن طريق خلق النظام والقانون بصفة مستمرة، وتتولى أداء وظائف الدولة الداخلية والخارجية، وتكون مسئولة أمام الجماعات الأخرى عن كافة الشؤون التي تتعلق بالإقليم والشعب، و لقيام الدولة لابُد من وجود قوة أو سُلطة أو حكومة لِفرض السُلطة على الشعب في إطار الأرض بشكل قانوني.
فالحكومة إذاً هي الهيئة التي تقوم بتنظيم مجموعة من القيود المفروضة على مجموعة من الحُريات التي قَبِلَ المحكومين التنازُل عنها للحاكم، بشرط أن يحفظ لهم الجانب الأهم من حُرياتهم، وكل ذلك في إطار القانون الأسمى بالدولة وهو الدستور.
وتتمثل السيادة في وجود هيئة تُمارس وظائِف الدولة بسُلطتها، هذه الهيئة هي الحكومة التي تُمثل داخلياً وخارجياً، وأن تكون قادرة على التصرُف الحُر وممارسة اختصاصاتها بفاعلية، سواءٌ في مواجهة الشعب عن طريق خلق النظام والقانون بصفة مُستمرة، وتتولى السُلطة السياسية أداء وظائف الدولة الداخلية والخارجية.
إن الدولة الحديثة تتجمع فيها السلطات في يد حكومة واحدة، وتملُك من الوسائِل المادية والقانونية ما يُمكنها من السيطرة التامة على الإقليم دون منازعة من سُلطةٍ أخرى، وتمثل داخلياً وخارجياً وسيادتها لا تقبل التجزئة، وتستمد حكومة أي دوله شرعيتها من رضي شعبها بها وقبوله لها، فالسُلطة ظاهرة اجتماعية لارتباطها بالجماعة البشرية، وتقوم السُلطة على أساس الإحساس بالحاجة إليها، والسُلطة ظاهرة نفسية تقوم على الرضا والقبول الاجتماعي.

مدلول كلمة الحكومة وأشكال الحكومات المختلفة

الحكومة هي: الهيئة التي تملُك القوة والشرعية، لِفرض النظام والخطط والمجال العام والأحكام والقوانين اللازمة لِلحِفاظ على الأمن والاستقرار في المُجتمع، وتنظيم حياة الأفراد المُشتركَة والمُوازنة والتوفيق بين الغايات المُعلنة، والحكومة بحاجة لشرعية من نوع ما، لكي تتمكن من القيام بأدوارها، من خلال أن التأييد لها من أفراد المُجتمع بِحقِها في إصدار التشريعات وتسيير شؤون المُجتمع.

ويُستعمَلْ تعبير الحكومة للدلالة على معاني مختلفة منها:

1)  قد يقصد بالحكومة نِظام الحُكم في الدولة، وهو بهذا المعنى وسيلة إعمال السُلطة العامة أو قيام الدولة بوظيفتها، في المحافظة على سلامتها الداخلية والخارجية وحِفظ السلام وتحقيقْ العدالة بين الشعب.
2)  وقد تُستعمل كلمة الحكومة بمعنى الدولة، أي مجموع الهيئات أو السُلطات الحاكِمة والمُسيرة للدولة أو التي تُدير الدولة، أي السُلطات الدستورية العامة في الدولة، والتي يدونها لا تستطيع الدولة الاستمرار في التعامل مع عناصرها، فيُقصدْ بِها هُنا السُلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
3)  إنَ الحُكومة قد يُقصد بِها قصراً وتحديداً السلطة التنفيذية فقطْ، أي رأس الدولة والوزراء ومُساعديهم المُباشرين.
4)  وقد يُقصد بالحكومة فقط الوزارة (رئيس الوزراء والوزراء )، ورئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يُمثلها ويتكلم باسمها، ويُعتبر مسئولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، ويُستخدم هذا المعنى الضيق في الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني.
5)  ويُمكن القول أن كلمة الحكومة أو الإدارة هي الكلمة الأكثر دلالة إلى السُلطة التنفيذية لتميُزها عن السُلطتين التشريعية والقضائية، والسلطة التنفيذية هي الهيئة التنفيذية، أي رئيس الوزراء والوزراء ومساعدوهم، فالسُلطة التنفيذية هي تُحدد وتُدير وتُنفذ السياسية العُليا للدولة وهى المحرك الرئيسي لها، وهى التي تقوم بتنفيذ القوانين وإدارة المرافق العامة وإدارة المصالح الكُبرى وتُدير شئون العِلاقات الدولية.
6)  إن مُصطلح الحكومة يعنى بالمعنى الواسع نِظام الحُكم في الدولة، أي طريقة استخدام السُلطة ومُمارسة الحُكم، أي أن الحكومة هي مُمارسة السُلطة في جماعة سياسية مُعينة، أي كيفية إسناد السُلطة، وأسلوب مُمارسة صاحِب السيادة للسُلطة العامة وشكل الحُكم.

أنواع وأشكال الحكومات المختلفة

===============

يجب أنْ نفرق بين شكل الدولة وبين شكل الحكومة:

فيُقصد بشكل الدولة التركيب الداخلي للسُلطة السياسية فيها، ومن ثم تكون الدولة إما دولة موحدة سواء بسيطة أو اتحادية وإما دولة مُركبة.
أما شكل الحكومة فيُقصد به صور الحكومات المُختلفة، ومن ثم تكون الحكومة إما ملكيَة أو جمهوريَة، قانونيَة أو استبدادية، مُطلقَة أو مُقيدة، فرديَة أو أرستقراطيَة أو ديمُقراطيَة.
فالحكومة هي الأداة التي بدونها لا تقوم للدولة قائمة، فهي القوة المُنظِمة القاهِرة، وبذلك تشمل الجِهاز الذي يتولى سن القوانين ويسمى السُلطة التشريعية، وتشمل الجِهاز أو الأداة التي تتولى تنفيذ التشريعات ويسمى السُلطة التنفيذيَة، وتشمل الهيئَة التي تتولى فض المُنازعات ودفع كُل اعتداء على القانون، وذلِك بتوقيع الجزاء المُقرر على مُخالفيه ويتم ذلك بموجب حُكم ما يُسمى بالسُلطة القضائيية.

وبمعنى آخر:

الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العُليا للدولة، وتتكون الحكومة من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويشرف رئيس مجلس الوزراء على أعمال الحكومة. وبهذا تكون الحكومة هي القيادة العليا للسلطة التنفيذية وأنها برياسة رئيس مجلس الوزراء.
وتعمل الحكومة بحكم موقعها هذا بالاشتراك مع رئيس الدولة على رسم السياسة، ثم تتولى الإشراف على تنفيذها. وإذا ما وضعت الحكومة ــــ بهذا المعنى ــــ خطة الدولة ورسمت سياساتها، يأتي دور تنفيذ هذه الخطة، و وضع السياسات موضع التنفيذ. وتتولى الإدارة مهمة التنفيذ حسب ما تقرره الحكومة وتحت مراقبتها وإشرافها.

تتنوع أشكال الحكومات في الدول المُعاصرة بناءً على المعيار المُتبع في تحديد ذلك، ونذكُر من هذه المعايير وأشكال الحكومات الآتي:

1)  معيار اختيار الرئيس الأعلى للدولة :
فبناءً عل هذا المعيار توجد الحكومة الملكية وهى الحكومة التي يُسيطرُ فيها أفراد عائلة مُعينة يتوارثون الحُكم أباً عن جِد لمُدةِ غيرَ محدودة، وعُلماء السياسة يرون أن مصدَر الشرعية لهذا النوع من الحُكم الوراثي والمُطلقْ هو عدم وجود مُعارضة أو مُقاومة لِتِلك العائِلة التي تطلُب من الناس إطاعتُها بصورة مُطلقة، وهذا يعنى القبول من خِلال عدم المُقاومة وعدم المُعارضة، ولهذا فإن الحكومة الملكيَة المُطلقة تسعى دائماً للقضاء على أي مُقاومة أو مُعارضة تحكمها لكي تبقى في الحُكم، فليس المُهِم أن توالى الحُكم أو تؤمن بأحقيته في الحُكم، إنما المُهِم أن تبتعِد عن المُعارضة، وأن تخاف من الاشتراك في المُعارضة، و في الحكومة الملكية تنحصر السُلطة لِشخصْ واحد.

وبمعنى آخر:

هي التي يتولى فيها رئيس الدولة منصبةُ عن طريق الوِراثة ولمُدة غير محدودة بغض النظر عن تسميته، وفى هذا المعيار أيضاً توجد الحكومة الجمهورية وهى التي يجرى اختيار رئيس الدولة فيها عن طريق الانتخابات ولمُدة محدودة، أي هي الحكومة التي يتولى فيها السُلطة شخصٌ مُنتخب من قِبل الشعب لمُدة مُعينة، وهو الرئيس الأعلى للسُلطة التنفيذية، وهذا الانتخاب يتم بعِدةْ طُرقْ، فقد ينتخبه البرلمان ويكون بالتالي مسئولا أمامه، أو ينتخبه الشعبْ بطريقة مُباشِرة فَيَستمِدُ بالتالي سُلطته من الشعب مما يجعلُها واسِعَة جداً.

2)  معيار تركيز السُلطة أو توزيعها على الحُكام:

بناءً عل هذا المعيار توجد الحكومة المُقيدة وهى الحكومة التي توزع فيها السُلطات على هيئات مُختلفة، وتتمكن كُل سُلطة من خلالها من الرِقابة على باقي السُلطات، وتوجد الحكومة المُطلقة وهى الحكومة التي تتركز فيها السُلطة بيد هيئة أو شخصِ واحد مع خضوع هذا الشخص أو تِلك الهيئة في مُمارسة السُلطة إلى القانون.

3)  معيار مدى الخضوع للقانون:

بناءً عل هذا المعيار توجد الحكومة القانونية وهى الحكومة التي تخضع للقانون النافِذ أياً كان مصدرة، فهي تلتزِم وتُطبق وتخضع للقوانين، رغم أن لها مِن السُلطة ما يُمكنها من التحلُل من تِلك القوانين، سواء بتعديلها أو إلغائها إلا إنها نظراُ لكونها قانونية فإنها لا تُقدِم على فِعل ذلك إلا بالإجراءات المُحددة في الدستور بواسِطة الجهة المُختصة، حِفاظاً على اختصاصات السُلطة الموجودة في الدولة ووفقاً للدستور.
ومن صور الحكومة القانونية توجد الحكومة القانونية المُطلقة وهى التي تتجمع السُلطة فيها في يد شخص واحد هو الحاكم وفقاً لقوانين الدولة التي يُقررها.
وتوجد صورة أخرى وهى الحكومة القانونية المُقيدة وهى تلك الحكومة التي تتوزع فيها السُلطات بين هيئات مُختلفة، وتتولى كلٍ منها مُراقبة الأخرى في مُمارسة أعمالِها، بحيثُ لا يجوز لأي سُلطة أن تتعدى على اختصاصات غيرها، إعمالاً لمبدأ الفصل بين السُلطات أو الأنظمة الملكية الدستورية.
وبناءً على هذا المعيار يوجد نوع آخر وهو الحكومة الاستبدادية وهى الحكومة التي يقوم كيانُها على فرد واحد، مدعوم من قِبل أجهزة الأمن والمُخابرات والجيش، ويتم فيها تصفية المُعارضين دون هوادة، وهُنا تُنفذ أوامر الحاكِم وتعليماته دون التقيد بالقانون.

4)  معيار من مصدر السيادة:

بناءً عل هذا المعيار توجد الحكومة الفردية وهى التي تتركز فيها السلطة في فرد واحد ويقوم كيانها علية وهو الحاكم، وقد يُحاط هذا الحاكِم بعِدة مجالس إلا أنها في الحقيقة مجالس صورية، ولا يصل الحاكِم إلى منصبةِ عن طريق الشعب وإنما بذاته وشخصه التي تُضفى عليها عادة صِفة النبوغ والقوة والعظمة من قِبل الأجهزة التابعة له.
والحكومة الفردية قد يكون الحاكم فيها فرد استبدادي إذا كان لا يخضع لأية قواعد قانونية.
وقد تكون الحكومة الفردية قانونية مُطلقة بمعنى أن الحاكم الفرد يخضع للقوانين القائمة التي له سُلطة تعديلها بل وإلغائها.
وفى هذا المعيار أيضاً توجد حكومة الأقليَة وهى التي تكون السلطة فيها بيد فِئة قليلة من الأفراد يتميزون بالثراء أو النسب أو المركز الاجتماعي أو العلمي أو المكانة الدينية أو السُلطة العسكرية ومن صورها الحكومة الأرستقراطية وتبدأ هذه الحكومة كحكومة خُبراء من الطبقة المُثقفة والعُلماء، ولكن سُرعان ما تتحول إلى طبقة مُرفهة توفر لنفسها فُرصة الهيمنة على السُلطة وتحرم الأغلبية في التمثيل بالحكومة.
وصورة أخرى هي الحكومة الثيوقراطية ومعناها حُكم الدين وهى الحكومة التي يُسيطر عليها رجال الدين بصورة مُطلقة على الحُكم، ويَعْتبِرون أنفُسَهُمْ المصدر الشرعي الوحيد لتسيير أمور الناس، وكانت هذه الصورة موجود في أوروبا في القرون الوسطي.
وتوجد صورة أخرى لحكومة الأقلية وهى حكومة الحِزب الواحد وهى حكومة خاضِعَةْ لحُكم وقوانين الحِزب الواحد وهو الذي يَحْكُمْ بإعتباره صاحِبْ القرارات الصائبة في تسيير شؤون الناس، ومن حَقْ الفرد الترشيح للمناصِب في هذه الحكومة بشرط أن يكون مُنتميَاً لهذا الحِزب ويعمل فيه.
وتوجد صورة أخرى وهى الحكومة العسكرية وهى الحكومة التي تنشأ خِلال انقلابات عسكرية.
وفى هذا المعيار أيضاً توجد الحكومة الديمقراطية وتعنى حُكم عامة الناس وأيضاً تعنى أنة الأصل حُكم الشعب لنفسه، ويكون الحُكم فيها بيد الأغلبية أي التي يستند فيها مصدر السُلطة إلى الشعب، والحكومة الديموقراطية تتواجد في النظام الملكي الدستوري وفى النظام الجمهوري.
والمقصود بالحكومة الديمقراطية هي أن أفراد الشعب يَنتخبون مُمثليهم للسُلطة التنفيذية وللسُلطة التشريعية، لمُمارسة دورِهم في تسيير شؤون المُجتمع، وإصدار القوانين المُستمدة من الدستور، بمعنى أن السُلطة تكون بيد الشعب وهو صاحِب السيادة.
ومن صور الحكومة الديمقراطية حكومة الأغلبية النيابية وهى التي تتشكل من الحِزب الحائز على أغلبية مقاعد مجلس النواب، وتكون عادة محمية من السُلطة التشريعية، لأنها حكومة أغلبية هذه السُلطة، وهو ما يجعل من اتخاذ أية إجراءات بحق أحد أو جميع أعضائها أمر مُستحيل، حيثُ لا يُمكن مُحاسبتها أو مُسائلتها فضلاً على تعديلها أو عزلها، وذلك بسبب التصويت ضد أي أجراء قد تقدُم عليةِ الأقليَةْ، لأنها تُمثِلْ الحِزب الذي يَملُكْ الأغلبيَة.
وصورة أخرى لهذه الحكومة هي حكومة الأقلية النيابية وهى التي تتشكل من حِزب له نسبة أقل من خمسون بالمائة من مجلس النواب، مما يجعَل من السهل سحب الثِقَةْ من هذه الحكومة.
وتوجد صورة أخرى من صور الحكومة الديمقراطية وهى حكومة ملكيَة دستوريَة، وتتزعم هذه الحكومة عائلة مالِكَة لكِنها تخضع لدستور مُتفق عليةِ من قِبل الناس، ويكون دورُها فقط السيادة والحُكم يكون برلمانياً مُنتخباً مِنْ قِبلْ الجماهير، ويتم تغيير البرلمان كُل أربعة سنوات بينما تبقى العائلة المالِكة ولا يمكن تغييرها، ويكون حُكمها ثابت في تِلك الدولة.
وصورة أخرى من صور حكومة الديمقراطية وهى حكومة ائتلافية وهى التي تتشكل من عدد من الأحزاب، وذلك في حالة عدم حصول أي حِزب من الأحزاب على أغلبية الأصوات في البرلمان، وتتشكل مثل هذه الحكومة في أوقات الأزمات وتتشكل أيضاً في حالة استقرار الدولة وتتعدد الأحزاب داخِل المجلس.
وتوجد صورة أخرى وهى حكومة وِفاق وطني وهى الحكومة التي يوجد بها ممثلين عن كُل الأفكار السياسية الموجودة بالدولة.
ويوجد صورة أخيرة هي حكومة تكنوقراط ومعناها فنيون أو تقنيون السُلطة، وتتشكل هذه الحكومة من النُخب الأكثر عِلماً وتخصُصاً في مجال المهام المنوط بهم.

5)  أنواع الحكومات من حيث الشكل والمضمون:

فمن حيثُ الشكل هُناك الحكومة الرِئاسية، ويختارُها رئيس الدولة بغض النظر عن الأغلبية، وهناك الحكومة البرلمانية التي تُشكلُها الأغلبية البرلمانية، بغض النظر عمًن يكون في الرِئاسة.
أما أنواع الحكومة من حيثُ المضمون أي تكوينُها من الوزراء، فهُناك حكومة الأغلبية وهى التي يُشكلُها الحِزب الفائِز في الانتخابات، وهُناك الحكومة الائتلافية وهى عادةً تتشكل مِن ائتلاف من حِزبين أو أكثر في البرلمان، وذلك لعدم مقدرة حِزب واحِد على حصد أغلبية مقاعِد البرلمان، وهُناك حكومة الوحدة الوطنية وهى التي تنشأ لِغرض مرحلي مؤقت أو لِظرف سيأسى خاص، وعادة ما تهدُف إلى وضع قواعِد دستوريَة وسياسيَة جديدة.

الأشكال المختلفة للحكومات المعاصرة

============
إن التقسيم الحديث للحكومات يعتمد على التوزيع الأفقي للاختصاصات، بين الفروع الثلاثة للحكومة وهى التشريع والتنفيذ والقضاء.

ومن هنا فإن هناك ثلاثة أنواع للحكومات حسب التقسيم الحديث وهي:

1)  الحكومة البرلمانية وهى التي تقوم على دمج السُلطات.
2)  الحكومة الرِئاسية وهى التي تقوم على فصل السُلطات.
3)  الحكومة المُختلطة وهى التي تقوم على المزج بين خصائص النوعين السابقين.

الشخصية المعنوية للدولة 

الشخصيَة المعنويَة هي شخصيَة حقيقيَة مثلها مِثل الأفراد، وتُعَبِــرْ عن نفسِها وعن إرادتِها بواسِطة مُمثليها، وأساس وجودِها وجود مصلحة مشروعة جديرَة بِحِمايَةْ القانون.
ومن هُنا نستطيع أن نفهم الشخصية المعنوية للدولة من حيثُ أنها عِبارة عن الشخص المعنوي الذي يرمُز إلى شعب مُستقِر على إقليم مُعيَن سواء حُكام أو محكومين بحيثُ يكون لِهذا الشخص سُلطة سياسيَة ذات سيادة.

إنَ قِيام الدولة بأركانِها الثلاثة (الشعب، والإقليم، والحكومة أو السُلطة السياسية)، يترتب علية:

*  تمتُع الدولة بالشخصية القانونية الاعتبارية.
*  وتَتَمتَع السُلطة السياسية بالسيادة التي لا تقبل التجزئة، السيادة التي تشمل الحُكم لكُل الأمور والعِلاقات سواء التي تجرى داخِل الدولة أو خارجها. 
فالدولة بهذه العناصر الثلاثة أصبحت فرداً بين أفراد الدول التي تُكَوِنْ المُجتمع الدولي، واكتسبت الشخصية المعنوية لتميُزها عن الشخصية الطبيعية الفردية أو لمجموعة مِنَ الأفراد.
ومِنْ هُنا كان لابُد لهذه الشخصية المعنوية المُجردة من أن يُمثلها فرد طبيعي أو مجموعة من الأفراد يُسمونَ أصحاب أو ذوا السُلطة المُمثلينَ لها و هم الذين يقومون بإدارة شئون الدولة والمُجتمع.
ولا تتأثر الشخصيَة المعنويَة للدولة بموت أو تغيير مُمثليها، ولكن تبقى حقوق الدولة لها ومُقيدة بالالتزامات التي تعهدت بها، وتظل القوانين التي سنت فيها مُطبقة حتى وإن تغير شكلها ما لم يتم إلغائُها صراحةً أو ضمناً، بالرغم من تبدُل المُمثلين لهذه الدولة أو التغيير الذي حدث لشكلها أو طُرق تعيين أو مُسميات رأس الدولة الذي يُمثل الدولة أمام بقية العالم كمُمثِل لشعب الدولة.
والدولة هي الشخص المعنوي العام والأهم الذي تتفرع عنة الأشخاص المعنوية الأخرى، وهى التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتُمارِس الرِقابة عليها.
إن الدولة باعتبارها شخص معنوي عام وأهم الأشخاص المعنوية، فإنها تشمل سُلطات الدولة الثلاث ( السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ) بإعتباره شخص معنوي واحد، إنَ شخصية الدولة وحدة لا تتجزأ، وهى تشمل جميع تصرفات الدولة وأعمال الخاصة منها.
إنَ فِكرة الشخصية المعنوية للدولة لها أهمية فنية وقانونية في عزل فكرة السيادة وفكرة السُلطة العامة عن الأشخاص وذوات الحُكام وإلحاقِها بفكرة الدولة كشخص معنوي عام صاحب السُلطة السياسية العُليا ذات سيادة، وهذه السُلطة تكون مُجردة ومُستقِلة في وجودها عن الأشخاص المُمارسين لها، وهم طبقِة الحُكام في الدولة فهُم مُجرد أداة في يد الدولة تُمارِس مِن خلالِهِمْ سُلطتها.
فالدولة كائِن قانوني قائِم بذاته ومُستقِل عن الحُكام والمحكومين، ولها قُدرات قانونية مُستقِلة ولها الأهلية القانونية (أهلية وجوب وأهلية أداء وتصرفات الإدارة المُنفرِدة وقُدرة القهر المادي، أي امتياز التنفيذ المُباشِر، ولها ذِمتُها المالية الخاصة بِها ولحسابِها والمُستقِلة عن الذِمة المالية للأشخاص المُكونين لها ولمُمثليها).
فالدولة لها وِحدتُها وديمومتها وحقوقِها في مواجهة الغير وكذلك الالتزامات التي تتعهدُ بِها لصالِحْ الغَير.

الشخصية القانونية للدولة

الشخصية القانونية للدولة معناها القدرة أو الأهلية للتمتُع بالحقوق والتحمُل بالالتزامات وإبرام التصرُفات القانونية، والشخصيَة بهذا المعنى قد تثبُت للإنسان الطبيعي أو لِلأشخاص الاعتبارية، كالدولة والهيئات العامة والمؤسسات التي يَخلع عليها القانون هذه الصِفَة بحيثُ يجعلُها مُستقِلَة عن الأفراد المكونين لها، ولها أن تدخُل في مُعاملات مع غَيْرِها مِنَ الأشخاص باسمها ولحِسابِها الخاص.
إن الشخصية القانونية للدولة تنشأ بنشوء الدولة بصِفَةْ آليِة دون الحاجة لوجود نص يُؤَكِدُها، كما أنها شخصية كاملة، وتُمَكِنْ للدولة من القيام بِكافة الأنشِطَةْ على المستويين الداخلي والخارجي، وكذلك التدخُل في كُل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ... وغيرُة، وكما تجعلُها أهلاً لِمُباشَرَة كافة الأعمال والإجراءات القانونية.
وبغير الاعتراف للدولة بالشخصيَة القانونيَة لا يُمكِن تفسير ما تتمتع به من قُدرات قانونيِة خاصَة، بعد انفصال السُلطة السياسية عن شخص الحاكم، ونظراً لأن الدولة لا تتمتع بالوجود المادي مِثلَ الشخص الطبيعي، مما يَجعلُها قادِرَة على المُباشَرَةْ بنفسِها مظاهِر وجودِها القانوني.
لِذلِكْ يَتكفَلْ القانون الدستوري، بتحديد الأشخاص الذين يَمْلِكون القُدرَةْ على التعبير عنْ إرادتِها وتمثيلُها في عِلاقاتِها مع الغير.
ويترتب على الشخصيَة القانونيَة للدولة آثار تتمثل في أن ما يقوم به الحُكام مِنْ تصرُفات يُنسبْ إلى الدولة لا إليهِم، وأيضاً تتمتع الدولة بالاستمرارية والدوام بغض الطرف عن التحولات السياسية وما ينتُج عنها من تغيُر الحُكام، كما تبقى الدولَة مُلتزِمَة بالتزاماتها، التي أُبرمَتْ في ظِل حكومات سابِقَة، كما أن الشخصيَة القانونيَة للدولَة تسمح بوِحدتِها رغم تَعدُد قادتِها ومُمثليها، وما تتخِذَه سُلطة من قرارات أو ما تلتزِمْ به مِنْ التزامات يُلزِمْ الدولة ككُل، ولا تستطيع أيةْ هيئَةْ أخرى التحلُل مِنْها.

العلاقة بين عناصر الدولة

إن النظم السياسية المتنوِعَة والمُختلِفَة تقوم على فِكرِة تَنْظيم العِلاقة بين الحاكم والمحكومين، مِنْ خِلال تحديد اختصاصات الحاكم وحقوق المواطنين، وإقامِة توازُن بين سُلطات الحُكم وحقوق وواجبات المحكومين، بما يُؤمن الاستقرار وعدم طُغيان الحُكام الذين يَميلون إلى الاحتفاظ بصلاحيات مُطلقَة على حِساب الشعب، وفى المُقابِل تُناضِل الشعوب من أجل تقييد صلاحيات الحاكم وجعلها ضِمن إطار التشريعات، وبنصوص مُحكمَة وذلك من خِلال الدستور.
ولكن الدستور هو الذي يُنظِم مبادئ وأسس المُجتمع وفلسفته، وحقوق الأفراد فيه، وصلاحيات الهيئات الحاكِمَة، والعِلاقة فيما بينها أو بينها والأفراد أو بين الأفراد أنفسِهِم، والفصل في أية مُنازعات قد تنشأ في الدولة.
إنَ الدستور يتمتع بسموه على إرادة الحاكِم وعلى قوانين الدولة، فالدستور هو ابتداءً قيدْ على إرادة السُلطة التشريعية يمنعُها من سن تشريعات تتعارض مع المبادىء والقواعد التي تضمنها الدستور، وكذلك لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تُصدِر قرارات مُخالِفَة للدستور الذي هو سند وجود هذه السُلطة، وهو أيضاً قيدْ على إرادة الحاكم وأعوانه، يمنعه من تجاوز سُلطاته أو التعسُف في استعمال تلك السُلطات، وكذلك الدستور هو الذي يُحدد مدى اتساع حُريَة المواطنين، وذلك بتقييد الحُريات العامة بالقدر اللازم لمواجهة الخطر ودفع ضرره العام، وذلك لإنقاذ الدولة من خطر أو أزمة اقتصادية أو أزمة سياسية أو غيرها.
أما التشريعات الأخرى فهي تُنظِم أمور جُزئية في المُجتمع، فالقانون هو ذلك الموضوع الذي يُنظم العِلاقات الاجتماعية بين الأفراد من أجل ضمان العدالة بينهم.
إن الدستور هو الذي يُنشىء سُلطات الدولة المُختلِفة ويُحدد اختصاصاتها وطبيعة العلاقة بين كُل سُلطة والسُلطات الأُخرى في الدولة تطبيقاً لمبدأ سمو الدستور أي علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية المُطبقة في الدولة، وأن النظام القانوني للدولة بأكمله يكونُ محكوماً بالقواعد الدستورية، وأن أية سُلطة من سُلطات الدولة لا يُمكِن أن تُمارَس إلا من قِبل الهيئة التي خولها إياها الدستور وبالحدود التي رسمها.
فالدستور هو مصدر جميع السُلطات في الدولة ويُحدد شكل الدولة وطبيعة نظام الحُكم داخلُها بِكافة مؤسساته السياسية وعِلاقتُها بالمحكومين، ويُحدد آلية الوصول إلى السُلطة وآلية مُمارسة السُلطة وآلية تداول السُلطة، ويُحدِد التكوين العضوي والكيان الوظيفي للمؤسستين التشريعية والتنفيذية، ويُحدِد حقوق والتزامات الحاكم ويُحدِد حقوق والتزامات المواطِن، فهو بطاقة الهوية للدولة، وحتى تكتمل عناصر الدولة القانونية لابد من وجود تنظيم للرِقابة القضائية على مُختلف السُلطات فيها.

وسائل الدولة لإقرار النظام الاجتماعي

النظام الاجتماعي:

هو شكلاً مُنظماً للسلوك الاجتماعي ضمن نشاط معين، يضمن مجموعة من القواعد والطرق لأساليب العمل والسلوك.

ومن عناصر النِظام الاجتماعي:

الأشخاص أو الجماعة البشرية المُنفِذة للنظام، والمُعدات أو الأدوات أو الأجهزة التي بفضلها يؤدى الأعضاء وظائفهم، والتنظيم والطُرق ومُجريات العمل والإدارة، ومجموعة القيم والمواثيق.

ومن أنواع النُظم الاجتماعية:

النظام السياسي والنظام الاقتصادي والنظام الأسرى والنظام التربوي والنظام الأخلاقي والنظام الصحي والنظام الثقافي والنظام التعليمي.

الدولة هي:

الجهاز السياسي والقانوني والإداري والاقتصادي الذي يقوم بتنظيم الحياة الاجتماعية داخل المجتمع، وأن الحكومة هم الأشخاص الذين يحكمون باسم الدولة، وأن الدولة نتاج المجتمع عند درجة معينة من تطوره، وأن تأسيس الدولة ونشأتها تم بموجب عقد بين الأفراد تخلوا بموجبة عن بعض حقوقهم مُقابِل تحقيق الأمن والاستقرار وضمان حرياتهم المنسجمة مع قوانين الدولة ودستورها، فشكل الدولة وطبيعة فلسفتها يتحدد في ضوء طبيعة النظام السياسي.

الدولة الحديثة هي:

مما سبق نجد أن الدولة الحديثة ذات المؤسسات الدستورية والقانونية المُستندة إلى أساليب ومنهج الحُكم الرشيد وآليات الانتخابات والمؤسسات البرلمانية، التي تستمد شرعيتها في الحُكم من خِلال العملية السياسية الرشيدة التي تتوافر فيها شروط ومعايير مبدأ السيادة للشعب، ومبدأ الحُريات المدنية، وحق الجماهير في الاختيار والتعبير والتظاهُر، والأخذ برأي الأغلبية مع احترام رأى الأقلية، ووجود مُعارضة تتمتع بالحُرية السياسية، ووجود وسائل الضغط الجماهيري والرِقابة على من بأيديهم السُلطة في صناعة القرار، و تقوم على مبدأ الفصل بين السُلطات، وعلى مفهوم المواطنة، الدولة التي تُحقق الصالح العام وتحقق السلام الاجتماعي.

وسائل الدولة لإقرار النظام الاجتماعي متعددة ومختلفة نذكر منها:

1)  إن كل دولة تَعْتبِر سيادتِها شيئاً ثميناً من وجهة نظرِها، فالدولة كائن حي يتأثر بما حوله ويؤثر فيه، لذلك فهي دائمة الحركة والتطور مرتكزةً على قوى أساسية، مِنها القوى السياسية أو نفقات الإبقاء على النِظام كقوة فاعِلة داخلياً وخارجياً، ولذلك لها وسائِل للمُحافظة على السِلم داخلياً وخارجياً، بإنشاء جيش قوى ضد الأخطار الخارجية، وإقامة قضاء وبوليس للمحافظة على النظام داخلياً، ويتم الإنفاق على هذه المجالات طبقاً للموارد العامة للدولة.
2)  الدولة الحديثة يُنظِمُها القانون الدستوري المُتمثل في الدستور الذي يُحدد ويُنظم ويَبنى المؤسسات الدستورية، فالمؤسسة هي تنظيم اجتماعي هدفه الدفاع عن فِكرة مُعينة وضمان استمرارها، مثل النقابات التي هدفها ضمان الاستمرار لفكرة الدفاع عن حقوق أعضاء النقابة، والوزارات والإدارات المُختلفة التي هدفُها تحقيق مصلحة عامة مُشتركة، والدفاع عن فِكرة مُعينة وهى تنحية المصالح الفردية أمام المصلحة العامة، فالمؤسسات تذهب إلى أبعد مما تقرره النصوص القانونية واللوائِح التي تنشئ المؤسسات، بمعنى أن المؤسسات تُطَوِر النظام الاجتماعي الذي وقع علية الاختيار، وتَضْمنْ للهدف الأساسي نوعاً من الاستمرار والصلابة ، بالتكليف ومُراعاة العوامل المُتغيرة والمُتعلقة بالفِكرة الأساسية.
إن القانون ضرورة اجتماعية ووسيلة لا غنى عنها لإقرار النظام داخل الدولة، ولوِقاية المُجتمع من أيَة أخطار أو نِزاعات بهدف تحقيق السلام الاجتماعي، والوسائل التي تُتخذ مثل سن قوانين وتشريعات جديدة، بهدف التحرُك على ساحة العمل المجتمعي لإخراج الواقع التقليدي من أوضاعةِ ومعتقداته وموروثاته نحو الانفتاح على قيم جديدة والتدريب عليها، وتأسيس الأحزاب والمُنظمات والفاعلين الاجتماعيين على أسس عصرية، والمساواة وعدم التمييز والاحتكام للقانون، واحترام حق الاختيار والاختلاف، والحُرية والأمن، والتغيير السلمي والتنافس المشروع، وتكافؤ الفُرص والمُشاركة، ووضع معايير وقواعد ولوائح مؤسسية واضحة المعالم في التعاملات في الدوائر الحكومية.
إن الدولة العصرية من خلال مُحتوى ومضمون دستورِها وقوانينها تعنى الانتقال في عُمق عمليات التحول الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي معتمداً على مدى التجاوب من جانب المُجتمع، وذلك يتحقق عبر صيغ تزاوج بين الحديث والقديم وتتدرُج في الانتقال بينهما، والاستفادة من بعض القديم في تطبيع وتطويع الجديد، وكل هذا وِفقَ آليات وتقاليد الدولة العصرية الحديثة بشكلِها ومضمونِها ومؤسساتِها الفاعِلة.
ولعل من أهم مكونات التاريخ السياسي لأي دولة هو مجموع التشريعات الدستورية والأعراف والتقاليد السياسية، ووسيلتا التشريع والتنظيم اللائحي هما وسيلتان لاستقرار الأمن في العلاقات الاجتماعية، فبهم يتم تصور سابق للمُخالفات الخطِرة على النظام والأمن، ويُصاغ هذا التصور في صورة قواعد عامة، وهذه الصياغة إما أن تتخذ شكل التشريع، وهو القواعد العامة التي يُقررُها ممثلو الشعب أعضاء البرلمان، وإما تتخِذ شكل لوائح، وهى قواعد عامة صادرة عن سُلطة إدارية مُتخصِصَة وليست مُنتخبة وإنما هي سُلطة تنفيذية، ووسائل الدولة من خلال قانونِها الإداري تصاغ لِحماية حياة مواطنيها، وبالنظر إلى سِعة امتداده وطبيعَة قواعِده، فكُل أفراد المُجتمع على اختلاف أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية هم في علاقة حتمية وجبرية مع الإدارة العامة، فمهما أوتى الفرد من وسائِل الكسب المادي فلا يستطيع بحال من الأحوال أن يستبعد الإدارة العامة ويَعْرِضْ عن التعامُل معها.
فللدولة وجود في حياة الفرد مُنذ لحظة ولادته ولا مفر من الاحتكاك بها، كحاجته لخدمات أخرى كثيرة كاستخراج بطاقة التعريف الوطنية أو جواز سفر أو رخصة قيادة أو بناء أو غيره الكثير ، لمُمارسة مُختلف الأنشطة الحياتية.
وتُقدم الإدارة العامة بالدولة خدمات كثيرة للجمهور سواء في المجال الإداري أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فالإدارة يد الدولة لقيامها بمهامها المُختلفة وتلبيتِها لشتى الاحتياجات والخدمات، وبهدف المُحافظة على النظام العام بالدولة، تلجأ الإدارة العامة أحياناً إلى تقييد حريات الأفراد بالكثير من الوسائل التي يجيزها القانون والتي لا تخرج عن فلسفة دستور الدولة.
3)  إن العدالة تستمِد قوتِها من الركيزة الفكرية للمُجتمع، ومن منظومة الأفكار السائِدة فيه، حيثُ تنتظم طبيعة الحياة استنادا إلى نوعية الأفكار وطبيعتها، فإن تطبيق الفِكر وتحويله إلى فعل ملموس يتطلب إدراكاً لدى القيادات، بالإضافة إلى التعاون والمُساندة من لدُن المعنيين بهذا الجانب، ولا يَصِحُ بث روح اليأس مقدماً بين مكونات المُجتمع القيادية أو عامة الناس، والنُخب هي القيادات التي تتصدى لتحمل مسؤولية إدارة شؤون الدولة والمُجتمع.
والدولة تتخذ وسائِل لمواجهة وضبط الحياة الفِكريَة، حيث توجد حقيقة لا يمكن تجاهلها ألا وهى أفكار المواطنين وآرائِهم حول السُلطة وأساليبها، وتواجه الدولة هذه الحقيقة بعدد مِن الأساليب مِنها إما بتبني أسلوب التوجيه ورفض الاستماع إلى الرأي المُخالِف، ومُحاولة إقناع المواطنين بسياستها ، وبالحلول التي انتقتها ،وإما بالسماح للآراء الأخرى بالتعبير عن نفسِها، بل وترك الحُكم لأصحاب الرأي المُخالِف إذا حاز على أغلبية آراء الناخبين ، ويتبلور الاختيار بين هذه الوسائل السابقة في تبنى نِظام الحِزب الواحِد أو نِظام تعدُد الأحزاب، ومع ما يترتب على ذلِك مع اختلاف قواعِد اللعب، والدستور هو القانون الأعلى الذي يُحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، ونظام الحُكم ، ويُنظم السُلطات وحدود كل سُلطة، ويُحدد ويَضبِطْ الواجِبات والحقوق والحُريات الأساسية للأفراد والجماعات.
4)  وسائل الضمان الاجتماعي هدف قومي للدولة العصرية، الذي يمتد لمُختلف جوانِب الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمُجتمع، وتتعدد تدابيره لتحقيق ضمان وتعويض الدخل وضمان القُدرة على اكتسابه، وتوفير البرامج الصحية والتعليمية والتدريبية، التي تطورت لتصبح تعاونية جماعية بين كل العاملين وأصحاب الأعمال في شكل تحوطات جماعية، ومع اهتمام الحكومة بتحقيق الضمان الاجتماعي للمواطنين عامة فإنها تُساهم تشريعياً ومادياً في تدعيم كافة تدابير الضمان الاقتصادي لتتِم في ظِل الرِعايَة الحكوميَة، كما تعمل من خلال خدمات التعليم والتدريب والصحة على تنمية قُدرات الموارد البشرية على التكسُب، وأيضاً بالتعاون مع مُنظمات المُجتمع المدني وأصحاب الأعمال، إن وسائل الضمان الاجتماعي تتخذُها الدولة لمواجهة الأخطار الاجتماعية التي تمس ذمة الفرد المالية ومُعالجة ما قد يَحِلُ بالفرد من مصائِب تُعيق حياته وذلك بالانتقاص من موارده ، بهدف توفير الأمن الاجتماعي للمواطنين بالصيغة التضامنية الاجتماعية.
5)  وسائل الدولة للتنمية الاجتماعية، إن التنمية الاجتماعية هي عملية تغيير بنائي شامل ومُخطط له، ترمى إلى تحقيق أهداف مُعينة وتشتمل على حلقتين، الأولى هي تغيير الأوضاع القديمة التي لم تساير الأنماط الجديدة وذلك بالهدم، والثانية هي إقامة بناء اجتماعي جديد يختلف عن البناء الاجتماعي القديم وذلك بالبناء، وللتنمية الاجتماعية أهداف مثل تنمية الموارد البشرية، ورفع مستوى المعيشة لأفراد المُجتمع، وإيجاد التوازن في التنمية بين عنصري التنمية سواء البشرى أو المادي، واستخدام التكنولوجيا لتحقيق تنمية أفضل، وللتنمية الاجتماعية مقومات مثل مستوى التخطيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبرامج والخدمات المتنوعة، وأيضاً الموارد البشرية والطبيعية والمالية، وكذلك مستوى التعليم والتكنلوجيا، وتوافر نوع من الوعي الاجتماعي، والالتزام بمباديء العدل والمساواة والمشاركة الفعالة لكل فِئات المُجتمع.

دعائم الدولة

إن أي دولة تسير على دعائم ثلاث هي: (القوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، والقوة السياسية) فإذا عجزت إحداها أصبحت الدولة عرجاء، وإذا اختل التوازن بين الدعائم الثلاث تخبطت الدولة وأصبحت في وضع حَرِجْ يتسم بعدم التوازن وعدم المِصداقية مما قد يُعرض أمنها الداخلي والقومي للخطر.
والدولة العصرية هي دولة الحق والقانون والمواطنة، إن دولة القانون أو الدولة الدستورية هي دولة يتم فيها توزيع السُلطة واقتسامها على المؤسسات الدستورية بالدولة، وهم المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية والمؤسسة القضائية، وعلى الرِقابة الدستورية، وتقوم الدولة الحديثة على إحلال العِلاقات القانونية محل العلاقات العُرفية و المهنية و المالية و الوجدانية و القرابية و غيرها، فسُلطة القانون هُنا هي السُلطة المرجعية الأعلى، التي تستمد منها كل الهيئات والقِطاعات والمُمارسات والتيارات مرجعيتِها الرسمية، وتحقيقاً لمبدأ لا أحد فوق القانون.

الدستور وبنـــاء دولــة عصرية حديثـــة

من النظريات التي يسلم بها الفكر السياسي المعاصر أن القانون الدستوري هو: إقامة تعايش سلمي بين السلطة والحرية في إطار الدولة الحديثة التي تكون الأمة قاعدتها الاجتماعية.
وتأسيساً على ذلك أصبح من المسلم به أن الدولة الحديثة تعترف بوجود عنصرين لا غنى عنهما: سلطة الحكام و حرية المحكومين. ولما كانت السلطة مفسدة و السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. كما يقول اللورد أكتون. فإنه قد لزم تكوين مؤسسات تُمارَسْ السلطة من خلالها منعاً لتركيز السلطة في يد شخص واحد أو هيئة واحدة. وتحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات.

وهكذا أمكن استخلاص أفكار أساسية وقواعد عامة في كل النظم السياسية تدور حول مواضيع ثلاثة:
الدولة ـــــ المؤسسات ـــــ الفرد

وإذا كانت الدولة هي إطارا القانون الدستوري، والمؤسسات هي الأسلوب المتطور لتنظيم المجتمع فإن الحريات العامة هي الأساس القانوني للدولة الحديثة.
ونتيجة للتطور الذي تناول تاريخ الدساتير الحديثة، والدور الهام الذي قامت به في حياة الدولة العصرية، برزت الفكرة القائلة بأن للدستور الصدارة العُليا في النظام القانوني القائم في الدولة، وهذه الصدارة تجعل الدستور هو القانون الأول الذي تستمد منة قوانين الدولة أصولها لكونها مبنية في أحكامها على مباديء الدستور وقواعده ومن هنا ظهر في الفقه مبدأ سمو الدستور أو سيادة الدستور، وهذا السمو أو هذه السيادة تعنى أن يكون للدستور السمو على ما عاداه من تشريعات وأن تكون له مكانة الصدارة عليها، ومن ثم تلتزم جميع السُلطات في النظام السياسي في الدولة بوجوب التقيد بنصوصه، واحترامه، وعدم الخروج على حدوده، والالتـزام به، كقيد حاكِم في مُمارستها لسُلطاتها، ومن بعد يُمثل السياج العام للحقوق والحُريات العامة.
فالدستور يُعتبر الأساس الذي يُمكن علية بناء الدولة وترسية دعائِمُها وبقائِها، فهو بكُل بساطة وثيقة عهد بين مجموع السكان على الكيفية التي تُدارُ بها الدولة، من خلال مجموعة من القواعد المبادىء الأساسية التي تُبين شكل الدولة ونظام الحُكم فيها، وكذلك حُدود سُلطتها إزاء الأفراد وفقاً لإجماعٍ شعبي.
إن السِمَةْ البارزة للدولة الحديثة أنها دولة قانونية تسعى إلى فرض حُكم القانون على جميع الأفراد في سلوكِهمْ ونشاطِهمْ، وكذلك فرضه على كُل هيئات الدولة المركزية والمحلية وسائِر المرافِق العامة، مما يَدُلْ على وجود عِلاقة بين الدولة القانونية ومبدأ المشروعية، وهذا يعنى إلزام الحُكام والمحكومين بالخضوع للقواعد القانونية التي تحكُم وتُنظِم وتضبِط سائِر التصرُفات والنشاطات، في الدولة التي تُسمى بدولة القانون، التي يخضع فيها الجميع للقانون بالمفهوم العام والواسع، الذي يضُم مُختلف القواعد القانونية في الدولة، بدءاً بالتدرُج من حيثُ قوة الإلزام مِن القواعِد الدستورية والقواعِد الوارِدة في المُعاهدات والاتفاقيات الدولية وقواعِد القانون العادي بل ونصوص التنظيم التي تُسمى باللوائح أو التراتيب.
إن الدولة الحديثة تحتاج دستور عادل ومنطقي ومقبول وصحيح ، ويسمح بتداول السُلطة ، ويضمن حقوق المواطنين، ويرسخ قواعد دولة القانون، فالدستور هو بمثابِةْ حجر أساس لِبناء الدولة على قاعِدة فِكرية وقانونية وتشريعية لدولة يسودُها العدل الاجتماعي، وان تكون كل كَلِمَة في مُحتوى الدستور، واضحةْ ومُحددةْ المعاني والمفاهيم، وضرورة اختيار من سيضع الدستور بكل دِقة وبشفافية بحيث يَستطيع وضع فكرة الدستور ويَستطيع صياغة فكرة الدستور.
الدولة العصرية الحديثة هي دولة دستورية هي دولة القانون، والدستور فيها هو الوسيلة الأساسية للسيطرة على السُلطة، فالغرض من الدستور هو الربط بين الأدوات اللازمة لتحديد السُلطة السياسية، والسيطرة الفعالة عليها، وتحرير الناس من الهيمنة المُطلقة للحُكام، إن القواعد الدستورية التي يحويها الدستور هي التي تُبين الحقوق والحُريات العامة في الدولة، وكيفية ممارسة السُلطة فيها ومصدرها وانتقالها، وبها تتقيدْ سُلطة الحُكام، وفيها الفصل والتوازن بين هيئات الدولة المُختلفة، حتى تتحقق حماية مبدأ سيادة القانون الذي تضمن به حقوق الأفراد وحُرياتِهم الأساسية، ولأن الدستور هو القانون الأساسي في البلاد، فلا تجوز مُخالفته من أي جهة، فالدستور هو أهم وثيقة في الدولة لأنةُ المنهج الذي تسيرُ علية الدولة لمواجهة كافة القضايا وأنواعها المُختلفة.
إن الدستور هو أساس الدولة القانونية المعاصرة الحديثة، ويُعدُ الوِعاء الحقيقي للحقوق والحريات في المُجتمع، وأساس كُل تنظيم في الدولة لأنةُ يُقنن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المُجتمع والدولة، ومُن هُنا فإن الدولة العصرية الحديثة مُقيده بالمبادئ والقوانين التي تضعُها وتعملْ على احترامها وخاصةً الدستور، الذي يحتوى على مجموعة من القواعِد القانونية الأساسية التي تُوضِحْ الأسس التي يَقوم عليها نِظام الحُكم في الدولة، ومن يَحكُم وكيف يَحكُم، وأيضاً تُوضِحْ مسئوليات الحُكم ونِطاق هذه المسئوليات وحُدودِها، وتُوضِحْ كذلك واجِبات وحقوق المحكوم ، وكيفية أدائِه لواجباتِه، وضمانات حصولهِ على حقوقهِ، وتُقيَد الدولة أيضاً بالقوانين الأخرى العادية ، التي يجب أن تُحترم إلى حين تغييرُها واستبدالها بقوانين أخرى مُتفِقَة مع الدستور ولا تخرج عن فلسفته.
كما أن الدولة العصرية مُلزمة باحترام التزاماتها الدولية التي أبرمتها بمحض إرادتها وطبقاً لقانونِها الدستوري، إن سيادة القانون شرط أساسي مشروط ببناء المُجتمع الحديث، وذلك من خِلال دولة الحق والقانون، وتُمثِل الدولة العُنصُر الأساسي في تركيب المُجتمع الدولي المُعاصر المؤلف بالدرجة الأولى من دول ذات سيادة.
إن الحديث عن الدولة المُعاصرة هو حديث عن ظاهرة اجتماعية تاريخية حديثة نسبياً، إن قيام الدولة المُعاصِرة بأركانها الثلاثة الشعب، والإقليم، والسُلطة السياسية، يترتب علية تميُزِها بأمرين أساسيين هما: أولاً تمتعها بالشخصية القانونية الاعتبارية، والثاني كون السُلطة فيها ذات سيادة مُستمدة من الالتزام بالقانون والتمسُك بالدستور.
والدولة عموماً تُعتبر ظاهره ليست طبيعية بل اصطناعية خلقها الذكاء البشرى لإدارة شئون الجماعة، وباعتبار إن الدولة هي تجمُع بشرى مُرتبط بإقليم مُحدد يسوده نظام اجتماعي وسياسي وقانوني مُوجة لمصلحتهِ المُشتركة، وتسهَر على المُحافظة على هذا التجمُع سُلطة مُزوَدة بقُدرات تُمكنُها مِن فرض النظام ومُعاقبة من يهدده بالقوة.
ومِن هُنا نجد أن مُصطلح الدولة يشتمل على أربعة عناصر هي التجمُع البشرى ، والإقليم الذي يرتبط به التجمُع البشرى ، وسُلطة توجِه المُجتمع ، ونِظام إجتماعى واقتصادي وسياسي وقانوني يَتَمسَكْ التجمع بتحقيقه.
إن الدولة الحديثة تعترِف بوجود عُنصرين لا غني عنهم: سُلطة الحُكام وحُرية المحكومين، ولقد نشأت الدولة المُعاصِرة باعتبارها الشكل الحديث للسُلطة السياسية في المُجتمعات المعاصِرة، فالسُلطة كظاهرة قانونية هي المصلحة العامة التي تتجمع حولها الحياة الاجتماعية، وتُحدِد أهداف الأفراد وآمالِهمْ المُستقبلية، التي لا تتحقق تِلقائياً ولكنها تَتَطلبْ مِن الأفراد أن يسلكوا فيما بينهُم أنماطاً مُعينة مِن السلوك لا تهدد هذه المصلحة العامة ولا تمنع دون تطورِها، وليست قواعِد السلوك في النهاية غَيرَ القانون، ومن ثم تأكد أن القانون ظاهِرة اجتماعية يرتبط وجودة بوجود الجماعة ينشأ معها ويتطور بتطورِها.
إن الدولة المُعاصِرة باعتبارها مجموعة مِنْ أجهِزة السُلطة تُساندُها أجهزة مُتعددة مِن المؤسسات الإدارية والسياسية والنظُم القانونية، والتي تحتكِر استخدام القهر المشروع على مختلف الأفراد والهيئات، تجد بهذا المفهوم المؤسسي مشروعيتها في حِمايتِها لمصالِح المُجتمع وحقوق الأفراد في نفس الوقت.
فالدولة العصرية الحديثة هي الفلسفة أو الهوية الجماعية للشعب بماضيها وحاضرُها ومُستقبلِها، فهي الإرادة العامة والبُعد التاريخي وتراكُم الوعي واليقظة وكِفاح الشعوب الإنسانية، ونتيجةً لتفاعُلات اقتصادية وسياسية وإنسانية وأخلاقية فردية واجتماعية، لتجسيد كُل ما هو معقول في دستور وفى قوانين كبداية للبحث عن الدولة العصرية الحديثة، وإذا كانت الدولة هي إطار القانون الدستوري والمؤسسات، وهى الأسلوب المُتطور لتنظيم المُجتمع، فإن الحُريات العامة هي الأساس القانوني للدولة الحديثة، فحداثة الدولة لا تقاس بعُمرِها الزمني وإنما بإنجازِها وتحقيقِها وتفاعُلِها مع العصر في جانبه الحضاري المادي كما في جانبه العلمي والثقافي والفكري.
إن الدستور في المُجتمعات المُتحضِرَة يُعد هو القانون الأسمى، لأنةُ يحكُم عمل هيئات الدولة المُختلِفة، ويُنظِم عِلاقات هذه الهيئات فيما بينها وبين المواطنين من ناحية وبينها وبين المواطنين من ناحية أخرى، ومن ثم لا يجوز لأيَةْ جِهَة أو هيئَة أن تتخِذ أي تصرُف قانوني خارِج إطار الدستور روحاً ونصاً، وتُبنى الدولة الحديثة على مُؤسسات وليس على أفراد أو حِزب فهي دولَةْ مُؤسسات ونصوص هي دولة دستوريَة، فتُبنى على وجود قانون يسمو على وظيفَةْ الحاكِم، ويُحدد سُلطات الدولة ويسنِد لها اختصاصاتها، ويُرسى الضماناتْ الضرورية للمواطنين في مواجهة تعسُف الحُكام، ومِن هُنا وجب أن تَستنِد سُلطة الحاكِم على جُملة معايير ومفاهيم وقيَم وقوانين مُجردة عن الفرد أو عن أي هيئة اجتماعية لها نفوذ على مصير الدولة والمواطنين.
ومِن هُنا أعتبر الدستور عصب الحياة السياسية وسِمَة أساسية للدولة الحديثة، إن الدولة في أصل نشأتِها هي ظاهرة اجتماعية يرجع أصلُها إلى الحضارات القديمة، والدولة في تطورِها تتفاعل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة، إن وجود الدولة نابِع مِن قصور المُجتمع عن تسيير شؤونه، ومِن هُنا وجدت الدولة لِحفظْ وجود المُجتمع، ولِضمان استمراريته ولتحقيق السِلم والأمن وتحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي، وتُشرِفْ الدولة على الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدُف إلى تقدمِها وازدهارها، وتحسين مُستوى حياة الأفراد فيها، وتصحيح الحياة الاجتماعية لِبناء مُجتمع فاضِل، وذلِك بِرفض كل صور الظُلم والقهر والطُغيان والاستبداد والإقصَاء والنهبْ والفسادْ والاحتكار، وتحقيق العيش الكريم لكُل أفراد المُجتمعْ، وتحقيق الحُرية الاجتماعية بكُل صورِها في حدود العادات والتقاليد والأخلاق لِبناء القيَم النبيلة والتسامُح بالحُرية التي تُراعى حُرية الآخرين، ولا لحُرية الفرد التي تصِل إلى درجِة التفسُخ ونعم للحرية التي تَبنى مُجتمعْ الأخلاقْ والاحترام المُتبادل وقبول الآخر وتبنى القيَمْ والعاداتْ وسمو الأخلاقْ والارتقاء بالمُجتمع، فالحُرية حقْ فِكراً وإبداعاً ورأياً وسكناً وأملاكاً وحلاً وترحالاً، ولتحقيقْ الشراكة في المُكتسباتْ والمسؤولية الوطنية، إنَ سيادة القانون أساس حرية الفرد ومشروعية السُلطة وخضوع الدولة للقانون، وتَحقيقْ موازينْ العدالَة وصون الحقوق والحُريات بقضاءٍ مُستقِل شامِخْ، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحقيق الكرامة الإنسانية لكُل أفراد المُجتمع، حيثُ كرامة الفرد من كرامة الوطن.
نعم لِكُل ما يَبنى حضارة وتاريخْ رائِعْ وعظيمْ يُزينْ صفحاتْ التاريخ الإنساني بمواكِب الإبداع، لتحقيق دولة عصرية حديثة مُتميزة تعرِفُ معاني الوطنية والمواطنة والمُساواة وتكافؤ الفُرص بين جميع المواطنين فلا تمييز ولا وساطة ولا محباه في الحقوق والواجِباتْ، والتمسُك بالمبادئ التي تعنى أن الشعب هو مصدر كل السُلطات، وتحديد شكل نِظام الحُكم الذي يُرسخ التداول السلمي للسُلطة، ويُعمِقْ التعدُديَة السياسية والحِزبية، ويضمن نزاهة الانتخابات، وُيساعِد على إسهام أفراد المجتمع في صُنع القرارات الوطنية، والدِفاع عن الوطن بكل شرف وواجب على الجميع، وتحقيق الأمن الاجتماعي والأمني فالشُرطَة تعمل وتسهر على أمن المواطنين وحِمايتِهِم بفرض موازيين العدالة، فلا عدالة بلا حِماية ولا حماية بغير مؤسسات أمنية تُراعى وتحترِمْ كرامة الإنسان وسيادة القانون، ويجب المُحافظة على الوحدة الاجتماعية وتعضيد التكامُل والتآخي داخلياً بين كل الشرائح الاجتماعية، وكذلِكَ خارجياً مع المجتمع الدولي.

وظائِفْ الدولة الحديثة

==========

إنَ وظائِفْ الدولة الحديثة تتقاسمْ في ثلاث سُلطاتْ رئيسيات حيثُ تتولى كلا مِنها وظيفة مُحددة، وهذه السُلطات هي:

أولاً: السُلطة التشريعية
 التي تُعرفْ بأنها هيئة تداولية لها سُلطة تبنى القوانين وتُسمى أيضاً بالبرلمان أو الجمعية الوطنية أو الكونجرس أو الجمعية الفيدرالية، وهُناك تسميات أخرى حسب كل دولة، والمُكَوِن الأساسي للهيئة التشريعية هي اللِجان أو المجالِس، وتتولى السلطة التشريعية بوصفِها الهيئة المُنتخبة مِن الشعبْ صاحِبْ السيادة والأقدَرْ على التعبير عن إرادته الوظيفة التشريعية، ومُهمتُها مُناقشة القوانين وإصدارِها، أي إقرار القوانين التي تُنظِمْ سلوكْ الأفراد في المُجتمع وتضمنْ حقوقِهِمْ في مواجهة الدولة أو في مواجهة غيرهم من الأفراد، وتختلف الاختصاصات الحصرية للسُلطة التشريعية من دستورٍ لآخر.
ثانياً: السُلطة القضائية
وهى التي تتولى مُهِمة الفصل في النزاعات المعروضة أمامها ، التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة، وهى المسئولة عن القضاء والمحاكِم في الدولة، ومسئوله عن تحقيق العدالة، ومسئولة عن مسيرة وتقاليد القضاء بالدولة، ومصداقية القوانين التي تُطبقُها.
ثالثاً: السُلطة التنفيذية
وهي التي تتولى مُهِمة تنفيذ السياسات والقواعد والقوانين التي يُصدرُها المجلس التشريعي، أي وضعِها موضِعْ التطبيقْ.
إن أفراد المُجتمع يقومون، عن طريق الانتخابات الحُرة النزيهة، بِمنحْ السُلطات لزُعمائِهمْ كما هي مُحددة في القانون، فتقوم السُلطة التشريعية بِسنْ القوانين، وتقوم السُلطة التنفيذية بتنفيذها وتطبيقها، وتقوم السُلطة القضائية بالعمل بصورة مُستقِلة.
ويَجِبْ النظر إلى الدستور كوِحدة واحدة مُتكامِلةْ الأجزاء، لأن لكُل جُزء من الدستور وظيفة مُحددة تقعْ ضِمنَ الوظيفة العُليا في الدستور، ألا وهى حِفظْ النِظامْ واستقرار الدولة، إن الدولة العصرية التي تُحافِظ على تصحيح حياة المُجتمع تقوم على أسس و مباديء ، كتحديد وتقصير مُدة حُكم الرئيس والحكومَة بشكلٍ أو بآخر، واستبدال الرئيس بآخر، فلا يجوز أن يبقى في الحُكم لمُدة طويلة تماماً كما لا يجوز ذلك للحكومة، منعاً للاستبداد أو إستغلال المناصب ... الخ.

وختاماً:

  ==
إن الدولة تَنشأْ بِنشوءْ الأفكارْ الجديدة التي تقوم عليها ويتحول السُلطان فيها بتحول هذه الأفكار، لأن الأفكار المُعينة عَن الحياة تتمثل في مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات، إذا أصبحتْ مفاهيمْ وأُدرِكَ مدلولِها وجرى التصديقُ بِها، ولابد أن تكون مبنيَة على فِكرة أساسيَة متينَةْ البُنيانْ ووطيدةْ الأركانْ ثابِتةْ الكيانْ، حتى تؤثر في سلوك أفراد المُجتمعْ حسب هذه المفاهيمْ فتتغيَرْ نظرتهِم إلى الحياة، وتبعاً لتغيُرها تتغيرْ نظرتهِم إلى المصالِحْ، والسُلطة إنما هي رِعاية هذه المصالِح والإشراف على تسييرها، ومِن هُنا كانت النظرة إلى الحياة هي الأساس التي تقوم علية الدولة، وهى الأساس الذي يوجد عليةِ السُلطان، فالدولة تُعتبر أهم مؤسسة تسهرْ على تسيير المُجتمعْ وتدبير شؤونه، وهى بِذلِكَ أشمل تنظيم يتجلى في عدد من المؤسسات الإدارية والقانونية والسياسية والاقتصادية، التي تَتَطَابقْ مع مُتطلبات المُجتمع، الذي يتكون من مجموعة من الأفراد، هُم كيان اجتماعي له هوية واضحة وخصائِص مُميزة، ومُتواجدين في إقليم الدولة بصفة مستقرة، ويخضعون لسُلطان الدولة وسيادتها، ويُمارِسونَ نشاطهِم في هذا الإقليم الجغرافي المحدد، وهذا الإقليم هو النطاق أو المجال الذي تتمتع الدولة في داخلة بكامل السُلطات التي يُقررُها القانون الدولي، ويخضعْ أفراد الدولة لنظام سياسي مُعين، يتولى شؤون الدولة وتحقيق مصالِحْ أفراد المُجتمع.
والدولة العصرية الحديثة يُهمها في المجال الاقتصادي، إلغاءْ الاحتكارات و الامتيازات الاقتصادية والضريبيَة، وإلزامية أداء الضرائِب ومُستحقات الدولة بالنسبة لجميع المواطنين، وتحقيقْ الشفافية في المساواة بين كُل الشرائِحْ والفِئاتْ الاجتماعية، وذلكَ مِن خِلال النصوص الدستورية والقوانين العادية واللوائح التنظيمية بالمُجتمع .
إن الدولة العصرية هي التي تَستمدْ شرعيتُها من دستورِها، فالشرعية هي الصيغة التنظيمية السياسية للعلاقة بين الفرد والدولة ، بين الحُكام والمحكومين، إن الدولة تعبير عن المواطن وتجسيد مؤسسي ضامنْ لِحقوقه و حُرياته، فالمواطن هو الذي يَهبُ الدولة مشروعيتِها، وهو أهمْ عُنصُر فيها.
فالدولة العصرية هي مجموعة المؤسسات المُمثِلة والضامنة للحق العام وللحقوق الفردية، فهي تَقنينْ لِلتفاوتْ و ترسيم لعِلاقاتْ القوةْ والسيادةْ في المُجتمع، مِن خِلال العِلاقات القانونية السليمة، التي يَكونْ فيها القانونْ هو الضامنْ للحقوق والحُريات، ويُقيمْ توازنات بين ضروريَات السُلطةْ وضماناتْ الحقوق والحُريات العامة.

عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
 ولكم كل التقدير والاحترام
وسلام الله عليكم جميعا
وسنتناول أيّ موضوع بأفكار ورؤى  جديدة
انتظرونا قريباً

== القادم أجمل ==
الـدولـــة العصرية الحديثة Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat on 11/15/2016 Rating: 5

هناك تعليق واحد:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.