الضبط الاجتماعي
الضبط الاجتماعي والمجتمع:
إن فكرة الضبط الاجتماعي استخدمت في تفسير كيفية تطور المجتمع من خلال تغير وسائله الضبطية من العرفية إلى الوضعية أو من الشفوية إلى المكتوبة أو من الموروثة إلى المكتسبة. فالمجتمع يمارس مختلف القوى للتأثير على أفراده من عرف وتقاليد وأجهزة يستعين بها على حماية مقوماته، والحفاظ على قيمه وخصائصه ويقاوم بها ما يمكن أن يتطرق إليها من عوامل الانحراف ومظاهر العصيان. والضبط الاجتماعي يعد من أهم النظم الاجتماعية، لأنها عملية اجتماعية لها دور كبير وقوي في تنظيم المجتمع وحمايته واستقراره من خلال الرقابة على أعضائه لحمايتهم والمحافظة عليهم. وهناك فرق بين الضبط الاجتماعي كعملية، وبين العقاب كأحد الأساليب لتحقيق الضبط. وأهم وسائل الضبط الاجتماعي والسيطرة على تصرفات الأفراد ومواقفهم: القانون والمعايير الاجتماعية والقيم الثقافية والدين والرأي العام والتربية والتنشئة الاجتماعية والعادات والتقاليد والأعراف والتعليم. والواقع أن التفكير في مسألة الضبط ودور النظم والجماعات باعتبارها ضوابط سلوك الأفراد قديم قدم المجتمع الإنساني.معاني الضبط الاجتماعي:
مفهوم الضبط الاجتماعي ينطوي على تقرير علاقة بين الفرد والنظام الاجتماعي، وعلى كيفية تقبل الأفراد وفئات المجتمع للطرق ومجموعة الأساليب والإجراءات الرسمية وغير الرسمية التي يتم بها هذا الضبط ويتخذها المجتمع لرقابة الأفراد فيه، بهدف الحفاظ على سلامة واستقرار وتماسك المجتمع. والمعنى في الإنجليزية له دلالة إيجابية ضبط الشيء أي ساده. أما في الفرنسية فله معنى سلبي: ضبط الشيء أي راقبه أو منع حدوثه. بهذا المعنى يتحدث الفرنسيون عن الضبط البرلماني (الفيلسوف الآن يعرِف النائب بأنه "ضابط") وعن الضبط الحقوقي أو الضبط المالي.
كما
أن مسألة الضبط الاجتماعي تطرح نفسها في حدود توافق المسالك الفردية مع المنظومة
العرفية السائدة، وبالتالي في حدود الثواب والعقاب. فهي العمليات والوسائل التي
تستخدمها الجماعة في تضييق نطاق الانحرافات عن المعايير الاجتماعية. ولقد كان الضبط الاجتماعي في السابق يعني
النماذج الثقافية التي يتعلمها الفرد من البديهيات المؤسسية التي تثيب وتعاقب
بالقياس إلى الالتزام أو عدم الالتزام بهذه النماذج. ثم اغتنى هذا المفهوم من
أسباب التقدم الذي أحرزه تحليل ظواهر الترابط والتبعية. عندئذ تركز الاهتمام على
بعض الروابط المتينة والثابتة معًا، التي تميز على الصعيد ألإحيائي العلاقات
القائمة بين النمط المظهري والنمط ألنسلي؛ والتي تميز على الصعيد الاقتصادي
العلاقات المنظورة القائمة بين الفعاليات الاقتصادية في السوق ومختلف أنواع
الأسواق؛ والتي تميز أخيرًا، على الصعيد اللساني، الصلة بين الصوت والمعنى. ومن
هذا الفهم صار الضبط يعني ترابط العناصر والنظام.
إن
هذا الامتثال الناشئ عن الحقول بحتمية ضابطة تضطلع بها البيئة وبمذهب نفساني نفعي،
لهو امتثال غير كاف لأن الدوافع الخارجية (الاجتماعية وغير الاجتماعية) غالبا ما
تكون غامضةً وملتبسة: فالحدث نفسه يمكنه أن يبشر تارة بتتمة مناسبة وملائمة، وأن
ينذر تارة أخرى بعاقبة وخيمة؛ ويمكنه مرة أن يكون بدون أية عاقبة منظورة أو قابلة
للتوقع. وحيث
الفرد يتمتع بقدرة استعلامية معينة، وبالتالي يملك القدرة على التوقع. وهذا يعني
أن بقدرته وباستطاعته أن يتدخل، وأن من شأن تدخله أن يقلب مجرى الأحداث. لأن
سلم المفاضلات غير محدد، للفرد، تحديدًا نهائيًا وأبديًا؛ ويمكن أن يتوافق هذا
الفرد مع بعض الاحتمالات التي كان قد رفضها في بداية الأمر، معتبرًا إياها غير
مقبولة. وحتى أنه يمكنه، خلال الممارسة، اعتبارها مفيدةً له، ملائمة ومناسبة
لمصلحته. إذن
لا توجد عقوبات مطلقة إلا في نطاق محدود جدًا؛ وإذا كان توافق سلوك الفرد مع
قوانين الطبيعة المادية والاجتماعية لا يضمَن ولا يكفل إلا بلعبة هذه العقوبات،
فإن التوافق قد يكون جزئيًا وهشّاً.
كما أن الضبط الاجتماعي الفعال لا يمكنه أن يكون ضبطًا خارجيًا صرفا. فالتربية الخلقية، بوصفها الرادع، والوازع القوي الفاعل الذي يمتلكه المجتمع تجاه أفراده. ومن طريق مختلفة، حيث أن تقمص وتوحد أفراد المجتمع مع نموذج مشترك هو الذي يكفل الوحدة الرمزية للمؤسسات، مثل الجيش أو الدين. إلا أن التقمص والتوحد ليس مجرد نتيجة، ولا هو في المقابل نتيجة تامة ودائمة، بل هو مسار منتظم بعدد معين من البديهيات، والتقمص والتوحد يعاود طرح سلسلة من العلاقات التي تقوم بين اللاعبين، الممثلين؛ والدوافع التي تخافهم أو تؤلف بينهم، أي الأنــا الأعلى الذي يشكل المحكمة العليا التي نحتكم إليها.
والضبط الاجتماعي في معناه العام يشير إلى العمليات والإجراءات المقصودة وغير المقصودة التي يتخذها المجتمع أو جزء منه لمراقبة سلوك الأفراد فيه وللتأكد من أنهم يتصرفون وفقاً للمعايير والقيم أو النظم التي رسمت لهم. كما يمكن القول أن الضبط الاجتماعي يتوقف على مقدرة اللاعب في النظر إلى أفعاله نظرة الآخر. بشرط أن يتعارف الأنــا والآخــر تعارفا تضامنيا، وأن يعتبرا أفعالهم المتداخلة آتية من منظومة عرفية واحدة، يتقبلها الطرفان. وفي هذه الحالة لا يعود مرجع الضبط الاجتماعي العنف الرمزي ولا الإكراه الخارجي فحسب، بل أيضًا التربية بوصفها دعوة إلى استقلالية الفرد، وإلى تأهيله الاجتماعي في نوع من الشراكة المستقلة، الحرة. إذًا، الضبط الاجتماعي يفترض شرعة لا تكون فاعلة إلا بقدر ما تحدد واجبات مشتركة ومتبادلة.
والمجتمع يمكن تحليله بوصفه مجموعة من أواليات الضبط، التحريضية والحدية معا، والتي تتلاعب بمبادرات الأفراد ومواردهم، وبالإكراه الجماعي والواجبات الأخلاقية. ولكن لا بد من التنبه إلى اتساع الضبط وطبيعة الموارد التي يتلاعب بها. وعندئذٍ ندرك أن الضبط ليس كليا. شاملاً أبدًا، وأن سيطرة الناس على مجتمعهم وسيطرة المجتمع عليهم محدودتان بشكل وثيق ومتبادل.
المجتمعات البشرية تختلف وتتباين فيما بينها في مرجعية الأسس والأطر التي يستمد منها القواعد والنظم الموجهة لسلك الأفراد، حيث تراوحت بين القانون والعرف والتقاليد والدين والأخلاق والتربية .. وغيره. ولكن هذا الاختلاف يرجع إلى اختلاف درجة التحضر والتطور في البنية الاجتماعية للمجتمع. ودائماً سعت المجتمعات بشكل مستمر نحو وضع نظام اجتماعي ينطوي تحته أفراد المجتمع بهدف ترسيخ مبادئ البناء الاجتماعي من تجانس وتكامل واستمرار، بهدف المحافظة على أمن وحماية الفرد والمجتمع، أي المحافظة علة وحدة وتماسك البناء الاجتماعي للمجتمع القائم على فكرة الأمن المشترك بين العناصر المكونة لكيان المجتمع من مؤسسات وجماعات وأفراد. ويتم كل هذا من خلال وضع العديد من الأنظمة والقوانين التي تحدد الأسس والقواعد العامة التي تحكم وتنظم علاقات أفراد المجتمع، ومن خلال حماية النظام الاجتماعي عن طريق استحداث وإيجاد مؤسسات الضبط الاجتماعي التي تحافظ على الكيان الاجتماعي للمجتمع.
كما أن الضبط الاجتماعي الفعال لا يمكنه أن يكون ضبطًا خارجيًا صرفا. فالتربية الخلقية، بوصفها الرادع، والوازع القوي الفاعل الذي يمتلكه المجتمع تجاه أفراده. ومن طريق مختلفة، حيث أن تقمص وتوحد أفراد المجتمع مع نموذج مشترك هو الذي يكفل الوحدة الرمزية للمؤسسات، مثل الجيش أو الدين. إلا أن التقمص والتوحد ليس مجرد نتيجة، ولا هو في المقابل نتيجة تامة ودائمة، بل هو مسار منتظم بعدد معين من البديهيات، والتقمص والتوحد يعاود طرح سلسلة من العلاقات التي تقوم بين اللاعبين، الممثلين؛ والدوافع التي تخافهم أو تؤلف بينهم، أي الأنــا الأعلى الذي يشكل المحكمة العليا التي نحتكم إليها.
والضبط الاجتماعي في معناه العام يشير إلى العمليات والإجراءات المقصودة وغير المقصودة التي يتخذها المجتمع أو جزء منه لمراقبة سلوك الأفراد فيه وللتأكد من أنهم يتصرفون وفقاً للمعايير والقيم أو النظم التي رسمت لهم. كما يمكن القول أن الضبط الاجتماعي يتوقف على مقدرة اللاعب في النظر إلى أفعاله نظرة الآخر. بشرط أن يتعارف الأنــا والآخــر تعارفا تضامنيا، وأن يعتبرا أفعالهم المتداخلة آتية من منظومة عرفية واحدة، يتقبلها الطرفان. وفي هذه الحالة لا يعود مرجع الضبط الاجتماعي العنف الرمزي ولا الإكراه الخارجي فحسب، بل أيضًا التربية بوصفها دعوة إلى استقلالية الفرد، وإلى تأهيله الاجتماعي في نوع من الشراكة المستقلة، الحرة. إذًا، الضبط الاجتماعي يفترض شرعة لا تكون فاعلة إلا بقدر ما تحدد واجبات مشتركة ومتبادلة.
والمجتمع يمكن تحليله بوصفه مجموعة من أواليات الضبط، التحريضية والحدية معا، والتي تتلاعب بمبادرات الأفراد ومواردهم، وبالإكراه الجماعي والواجبات الأخلاقية. ولكن لا بد من التنبه إلى اتساع الضبط وطبيعة الموارد التي يتلاعب بها. وعندئذٍ ندرك أن الضبط ليس كليا. شاملاً أبدًا، وأن سيطرة الناس على مجتمعهم وسيطرة المجتمع عليهم محدودتان بشكل وثيق ومتبادل.
أشكال وأنواع الضبط الاجتماعي:
مع وجود المجتمعات البشرية تشكلت الضوابط اجتماعية وكانت دائماً إلزامية للفرد في المجتمع، حيث لم يكن الفرد حراً في أفعاله وأعماله، ولكن ظل على الدوام محاطاً بقيود وضوابط تحكمه وتوجهه. كما أن هذه الضوابط تتباين بتباين المجتمعات، وتطور هذه الضوابط أحياناً وتتعثر أحياناً أخرى، فما يقبله مجتمع في مرحلة تاريخية معينة، يغدو بعد فترة عائقاً أمام حريته وإبداعه في المجتمع. ومن هنا تعددت أشكال وصور وأنواع الضبط الاجتماعي ومنها:الضبط الاجتماعي الإيجابي: وهذا النوع يعتمد على رغبة الفرد الإيجابية للامتثال، وقبوله للمعايير والقيم الاجتماعية، لأنه يعتقد في صدق المعيار الاجتماعي. ويتم تدعيم هذه الصورة من الضبط عن طريق المكافآت التي تتفاوت من المنح المادية الملموسة إلى الاستحسان والتأييد الاجتماعي.
الضبط الاجتماعي السلبي سواء كان رسمياً أو غير رسمي: هذه الصورة من الضبط تعتبر مفروضة لأن الفرد يمتثل لتجنب النتائج غير المرغوبة إذا حاول خرقها أو انتهاكها، وهذا النوع من الضبط يعتمد على العقاب أو التهديد، من خلال القانون أو من خلال العادات والتقاليد الشعبية.
الضبط الاجتماعي الرسمي: من خلال السلطة والقوانين واللوائح التي تحدد إما المكافآت أي الجزاءات الإيجابية مثل المكافآت المادية أو المعنوي، أو تحدد العقوبات وهي مثل الجزاءات السلبية المنتظمة.
الضبط الاجتماعي غير الرسمي: وهذا النوع مختلف الصور غالباً ولا يعتمد على العنف والقوة. ووسائل هذا النوع من الضبط تلقائية وتحقق أهدافها تماماً في المجتمعات التقليدية الصغيرة التي يقوم التماسك الاجتماعي فيها على أساس العلاقات الشخصية المباشرة. وهذه الوسائل مثل السخرية والتهكم وعزل الفرد أو نبذه من دائرة المجتمع.
كلمة ختامية:
المجتمعات البشرية تختلف وتتباين فيما بينها في مرجعية الأسس والأطر التي يستمد منها القواعد والنظم الموجهة لسلك الأفراد، حيث تراوحت بين القانون والعرف والتقاليد والدين والأخلاق والتربية .. وغيره. ولكن هذا الاختلاف يرجع إلى اختلاف درجة التحضر والتطور في البنية الاجتماعية للمجتمع. ودائماً سعت المجتمعات بشكل مستمر نحو وضع نظام اجتماعي ينطوي تحته أفراد المجتمع بهدف ترسيخ مبادئ البناء الاجتماعي من تجانس وتكامل واستمرار، بهدف المحافظة على أمن وحماية الفرد والمجتمع، أي المحافظة علة وحدة وتماسك البناء الاجتماعي للمجتمع القائم على فكرة الأمن المشترك بين العناصر المكونة لكيان المجتمع من مؤسسات وجماعات وأفراد. ويتم كل هذا من خلال وضع العديد من الأنظمة والقوانين التي تحدد الأسس والقواعد العامة التي تحكم وتنظم علاقات أفراد المجتمع، ومن خلال حماية النظام الاجتماعي عن طريق استحداث وإيجاد مؤسسات الضبط الاجتماعي التي تحافظ على الكيان الاجتماعي للمجتمع.
عزيزي الزائر
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاك
ولكم كل التقدير
والاحترام
وسلام الله عليكم جميعا
وسنتناول
أيّ موضوع بأفكار ورؤى جديدة
انتظرونا قريباً
==
القادم أجمل ==
الضبط الاجتماعي
Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat
on
11/24/2016
Rating:

ليست هناك تعليقات: