Top Ad unit 728 × 90

News

recent

خصائص الدولة | الصفات أو الخصائص الرئيسية التي تميز الدولة


خصائص الدولة | الصفات أو الخصائص الرئيسية التي تميز الدولة


تمتع الدولة بالشخصية المعنوية والقانونية وبالسيادة وحريتها في تعديل قوانينها

خصائص الدولة | الصفات أو الخصائص الرئيسية التي تميز الدولة

عندما تكتمل الأركان أو العناصِر أو الركائز الأساسية (الشعب والإقليم والسلطة)  لتكون ذلك الكيان المسمى بالدولة، فإن مفهوم الدولة بعد ذلِك يكون أشمل أو أكبر من تلك العناصِر أو الأركان.


الخصائص الرئيسية التي تميز الدولة:


عندما تكتمل الأركان أو العناصِر أو الركائز الأساسية (الشعب والإقليم والسلطة)  لتكون ذلك الكيان المسمى بالدولة، فإن مفهوم الدولة بعد ذلِك يكون أشمل أو أكبر من تلك العناصِر أو الأركان، ويكون ولاء وانتماء الأفراد لها بشكل يسمو ويعلو بقدر سمو وعلو مفهوم الدولة على المستوى العقلي، فتتميز الدولة عن غيرِها مِن المُنظمات الأخرى بخصائِص رئيسيه أهمها يتمثل في تمتعها بالشخصية المعنوية والشخصية القانونية وتمتعها بالسيادة وكذا حريتها في تعديل القوانين التي تضعها بشرط انسجامها مع مبدأ خضوع الدولة للقانون، وتمتعِها بالسيادة وكذلك الأساس القانوني للدولة.


               وعموماً أهم الصِفات أو الخصائص التي تميز الدولة خاصتين هما:


                                        الشخصية القانونية      و     السيادة

=========                         =====


أولاً: الشخصية المعنوية التي تتمتع بِها الدولة


الدولة هي أهم الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية على الإطلاق. وفكرة الشخصية المعنوية للدولة خاضعة أساساً لقواعد القانون العام. أي تكوين حياتها واختصاصاتها على كل أجزاء الإقليم. وإن كل الأشخاص المعنوية الأخرى تحت سلطة الدولة.
ولقد نشأ مفهوم الشخصية المعنوية في القانون الخاص ورغم ذلك فإن مكانتهِ تبدو متميزة في القانون العام، ذلِك أن الأشخاص الطبيعيين يحتلون المكانة الأولى في القانون الخاص، ثُم أن روابط القانون الإداري تفترِض وجوباً أن يكون أحد أطرافها شخصاً معنوياً عمومياً بينما ذلك غير ضروري في عِلاقات القانون الخاص.


الشخصية القانونية والشخصية المعنوية:

ولقد عرف الفقهاء الشخصية القانونية على أنها القابلية لاكتساب الحقوق والقابلية لتحمل الالتزامات، وأما الشخص الطبيعي فهو الإنسان، ولكن الشخص المعنوي أو الاعتباري فهو كيان أو كائِن معنوي أو فكره معنوية غير ملموسة فهو عبارة عن شخص قانوني متميز عن الأشخاص الآدميين الذين يدخلون في تكونه والقادر على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات.


إن هذهِ الحقوق والالتزامات ألصيقة بالشخص المعنوي، ومتميزة عن حقوق والتزامات الأفراد الطبيعيين المكونين له وهم الشعب، يعترف بها القانون، ويرتب عليها بعض النتائج القانونية، وفى الواقِع اليومي نلاحِظ أن يتصرف بعض الأفراد وتنسب تصرفاتهم إلى الدولة ككل باعتبارها شخصاً معنوياً.


الدولة وشخصيتها الخاصة:

فلكي تستطيع الدولة القيام بمهامِها يجب أن تكون متمتعة بالشخصية الخاصة بها والمنفصلة عن الأشخاص المكونين لها، والدولة بمنحها هذه الشخصية تكون أهلاً لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات شأنها شأن الأفراد الطبيعيين، مما يجعلها متميزة عن الأشخاص المسيرين لها، وكذا استقلال ذمتها المالية عنهم.


ضرورة  وأهمية الاعتراف بالشخصية المعنوية للدولة:

وهناك إجماع من الفُقهاء على ضرورة الاعتراف بالشخصية المعنوية للدولة، وهو ما يفيد بأن الدولة وحده قانونية مستقلة عن أشخاص الحكام الذين يمارسون السلطة، وأن هذه الوحدة لها طابِع الدوام والاستقرار ولا تزول بزوال الأفراد الذين يباشِرون الحكم فيها، ولكن الفقهاء اختلفوا عند بحث شخصية الدولة من حيث أن هذه الشخصية تمثل حيلة قانونية أم تمثل مجرد إقرار لظاهرة طبيعية، وهنا كانَت إشكالية الاختلاف حول فكرة الشخصية المعنوية للدولة، وسبب الاختلاف وهذا الانقسام في الرأي يعود في الأساس إلى الخلط بين المدلول اللغوي للشخص والذي يفيد الإنسان الآدمي، والمدلول القانوني للشخص والذي يعنى كل من يستطيع أن يكون أهلا لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وفقاً للقانون سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً.


وفى الحقيقة إن إثبات الشخصية المعنوية للدولة، أو فكرة الشخصية المعنوية في حد ذاتها حدث حولها خلاف بين الفُقهاء، حيث أثارت طبيعة الشخصية المعنوية وأسسها جدلاً واسعاً في الفقه.


ولقد انقسم رأى الفقهاء إلى اتجاهين هما:

الاتجاه الأول: اتجاه منكر للشخصية المعنوية للدولة

هذا الاتجاه يعرف بالمذهب الواقعي أو النظرية الموضوعية، ومن أهم أنصاره الفقيه الفرنسي ليون دوجيه، وقاستون جاز، وجورج سيل، وكلسن، ومن ينكر هذا الاتجاه، أي ينكر الشخصية المعنوية بصفة عامة وشخصية الدولة بصفة خاصة، إذ يعتبرون أن الدولة عبارة عن ظاهرة اجتماعية طبيعية تظهر إلى الوجود بمجرد انقسام أفراد المجتمع إلى فئة حاكمة وفئة محكومة.


والفئة الحاكمة هي التي تجسد القانون وتفرض احترامه وتطبيقه، بمعنى أن الذي يجسد شخصية الدولة هو الحاكم، وأن القول بتمتع الدولة بالشخصية المعنوية أو نسبة إرادة الحاكمين إلى شخص معنوي هي مجرد افتراض، وأنه ليست هناك حاجة لهذا الافتراض طالما كانت تصرفات الأفراد الحاكمين في حدود اختصاصاتهم وتتمشى مع القانون، لأنها تكون ملزِمة للأفراد استنادا إلى فكرة التضامن الاجتماعي.


فيعتقد "ليون دوجى" أن الدولة ما هي إلا حدث وواقعة اجتماعية، تتمثل في مجموعة من الحكام والمحكومين، أما "قاستون" فيقرر أنه لم يتناول طعاماً مع شخص معنوي، في حين ذهب "جورج" إلى اعتبار الدولة ما هي إلا مجرد جهاز للمرافق يعمل في خدمة الجماعة.


وبخصوص النازيين وعلى رأسهم "روزنبرج" فإنهم يرون أن منشأ الدولة هو الشعب وهو محور النظام وفارض القانون ومانح السلطة للزعيم الذي يمثل رمز الوحدة العرقية وهو الذي يقود المجتمع، ويعتبرون أن الدولة مجرد أجهزة لا تتمتع بالسلطة ولا بالشخصية المعنوية.


أما الماركسيون فيعتبرون أن الدولة ما هي إلا جهاز وضعته الطبقة الحاكمة لفرض سيطرتِها على الطبقة المحكومة، فالدولة عندهم هي جهاز لخدمة الطبقة المستغلة وأن التستر خلف وجود شخصية معنوية معناه جعل الطبقة العاملة تقبل الأمر الواقع المتمثل في الاستغلال، وأن منح الشخصية المعنوية للدولة ما هو إلا مجرد حيلة لإخفاء كل سبل الاستغلال والإجبار للطبقة المحكومة، كما أن الماركسيون يؤمنون بأن ذلك هو قانون الطبيعة أو سنة الحياة، ويدعون الطبقة المستغلة والمجبرة إلى الثورة على النظام والإطاحة بهِ وإقامة دولـة البرولتارية في مرحلة أولى تمهيداً للانتقال إلى المجتمع الشيوعي حيث تزول الدولة بزوال الصراع.


النقد الموجه إلى أنصار المذهب الواقعي:

أولاً : إن الفقيه ليون دوجيه وأنصاره لا يقدمون البديل عن الشخصية المعنوية، الذي يعد كأساس لتفسير مباشرة الدولة لنشاطها كوحدة قانونية، وعليه فهم يحملون الحكام والمسيرين الأخطاء التي ترتكبها الدولة والأشخاص العامة.


ثانياً: إن المجموعة النازية بقيادة روزنبرج في اتجاههم هذا يهدفون إلى تدعيم أنظمة الحكم العنصرية ويبررون الاستبداد في الداخل والاعتداء في الخارِج.


ثالثاً: إن فقهاء الماركسية وأفكار الماركسية إذا كانت ترى الدولة جهاز استبداد فإن العيب يعود للفلسفة التي يضعها الأفراد لقيام تلك الدولة وتطبيقها.


الرد على هذا الاتجاه الرافض لفكرة الشخصية المعنوية للدولة:

إن أنصار هذا الاتجاه ومذهبهم الواقعي الذي لا يتفق مع بعض الحقائق والوقائع الملموسة، كما أنه يعجز عن تفسير بعض الظواهِر المسلم بها والتي يصعب تفسيرها بغير الاعتراف بشخصية الدولة المعنوية ومن ذلك:


1) استمرار شخصية الدولة رغم تغير نظام الحكم (ملكي – جمهوري) أو تغير الحُكام فيها.


2)  وجود ذمة مالية مستقلة بالدولة متميزة عن فهم الحكام.


3)  يعترف بعض المنكرين لشخصية الدولة، بالشخصية المعنوية للتقييمات الإدارية  كالمؤسسات، وهى أدنى من الدولة وجزء منها، والدولة هي التي تعترِف لهذه الوحدات بالشخصية المعنوية، وهذا خطأ منطقي إذ أن فاقِد الشيء لا يعطيه.


4)  كما أن منكري الشخصية المعنوية للدولة لم يقدموا بديل عن هذه الشخصية للدولة.


الاتجاه الثاني: الاتجاه المؤيد للشخصية المعنوية للدولة

إن هذا الاتجاه يعرف بالمذهب الشخصي أو النظرية الشخصية، ويتفِق أنصاره على الاعتراف بالشخصية المعنوية للدولة، وهذا الاتجاه يمثل أغلب البحوث والدراسات المشروحة وهو الرأي الغالب في الفِقه، فنجد الفقه الروماني اعترف بالشخصية المعنوية للدولة ولبعض الجمعيات والمستشفيات، وحيث يقصد كمبدأ عام بالاعتراف بالشخصية المعنوية الكاملة المستقلة للدولة في الداخل وفى الخارج مما يعنى أنها تصبح قادرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، فالدولة تكتسب هذه الشخصية على نحوٍ مستقل عن الأشخاص والجماعات والهيئات والمصالح التي تخضع لسلطانها وتقوم على إقليمها.


ويترتب على الاعتراف بالشخصية المعنوية للدولة العديد من النتائج أهمها الآتي:


أ) أهلية الدولة القانونية:

أي قدرتها على إبرام التصرفات القانونية والمادية، وإثباتِها، والقيام بكافة النشاطات التجارية والثقافية ... وغير ذلك، إلا ما يتعارض مع طبيعتها كشخص معنوي وما هو مقصور على الإنسان، وتتمتع الدولة عند مباشرتها لمختلف تصرفاتها بامتيازات السلطة العامة التي لا يملكها الغير، إن الأهلية القانونية للدولة تعنى أن الدولة ككائن قانوني قائِم بذاته ومستقل عن الحكام لابد أن يسلَم لها بقُدرات قانونية مستقلة، تمكنها من إتيان أعمال مادية، وكذلك تمكنها من ممارسة مختلف التصرفات القانونية.


وهذه الأهلية سواء أكانت أهلية وجوب أي صلاحية الشخص لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات، وهى تختلطُ بالشخصية وجوداً وعدماً، وسواء أكانت الأهلية أهلية أداء بمعنى صلاحيات الشخص لأن يباشر بنفسهِ التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسِبه حقاً أو تحمله ديناً ، ومن هنا فإن الدولة كغيرِها من الأشخاص المعنوية لا تستطيع أن تمارِس بذاتِها ما تخوله لها أهليتها القانونية من أعمال وتصرفات وإنما يمارس هذه التصرفات والأعمال نيابةً عنها وباسمها أفراد هم الحكام، ومن هنا فإن أهلية الدولة تتميز بأنها تصرفات الإرادة المنفردة وكذلك تتميز بقدرة القهر المادي أو امتياز التنفيذ المباشر.


ب) ذمه مالية مستقلة للدولة: 

أي تمتع الدولة بالحقوق والالتزامات المالية المنفصلة عن ذمم الأعضاء المكونين لها ولممثليها الذين يتصرفون باسمها ولحسابها، فالذمة المالية للدولة هي مجموع ما يكون للشخص من حقوق والتزامات مالية، وباعتبار الدولة شخص قانوني لها ذمة مالية خاصة بِها ومستقلة عن الذمة المالية الخاصة بالأعضاء المكونين لها ولممثليها الذين يتصرفون باسمها، ومن ثم فإن الحقوق والالتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها ولحسابِها لا تعود إلى ذمتهم المالية ، ولكنها تكون حقوق والتزامات لحساب الدولة ذاتها ، ولهذا فيمكن للدولة أن تكون دائنة أو مدينة.


ج) وحدة الدولة واستمرارها:

بمعنى أن الدولة تمثل وحده قانونية واحدة، أي إن تعدد الحكام والأجهزة وسلطاتها العامة مِن تشريعية وتنفيذية وقضائية، وأيضاً تعدد ممثلي الدولة وتعدد الأجهزة والأشخاص التي تعمل باسمها وتعبر عن إرادتها ، لا يغير من وضع الدولة كشخص قانوني معنوي واحد، فاعتبار الدولة وحده قانونية دائمة معناه وجود الدولة كشخص قانوني معنوي، واستمرارها لا يتأثر بتغيير الأشخاص الممثلين لها أو يتغير نظام الحكم فيها أو بتغير سكانها بفعل الوفيات والمواليد، لأنها تستهدِف أغراضاً تتجاوز عمر جيل معين مِن أجيال شعبها، أغراضاً تبقى بزوال الأفراد وتغير الحكام، وهذا ما يبرر استمرار الدولة وديمومتِها باعتبارها شخصاً قانونياً مستقلاً ومتميزاً في وجود وحياة الأفراد المُمثلين.


لقد رتب الفقهاء على صفة أو خاصية ديمومة الدولة واستمرارها عدة نتائج وهى كالآتي:

1) أن الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير، والتزاماتها التي تتعهد بها لصالح الغير، تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها، مهما حدث من تغيرات داخلها.


2) بقاء المعاهدات والاتفاقات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول والمنظمات الدولية سارية المفعول وتبقى قائمة وواجبة النفاذ ما دامت الدولة قائمة رغم تغير الحكام أو ممثليها.


3) استمرار نفاذ القوانين التي أصدرتها الدولة إلى حين إلغائها أو تعديلها صراحةً أو ضمناً ووفقاً للإجراءات المحددة لذلك بالدولة.


د) المساواة بين الدول:

إن الاعتراف للدولة بالشخصية القانونية المعنوية بعد اكتمال أركانها ينتج عنه ظهور شخص قانوني دولي جديد، وبما أن لكل دولـة شخصية معنوية فإن كل الدول متساوية في المعاملة مع الدول الأخرى، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية الواقعية أو العملية فنجد أن هناك تفاوت بين الدول تتحكم فيه عوامل أخرى لها تأثيرها البالغ الأهمية في تحقيق عدم المساواة الفعلية أو نسبية المساواة بين الدول، وهذه العوامل أو الاعتبارات سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سكانية، فإن لها تأثير على مجريات الأحداث الدولية مما يتسبب عنه نسبية في المساواة بين الدول.

ونستنتج مما سبق

أن هناك إجماع بين الفقهاء على ضرورة الاعتراف بالشخصية المعنوية والقانونية للدولة، وهي حقيقة لا بد منها ، وليست مجرد حيلة قانونية، فالاعتراف بالشخصية المعنوية والقانونية يحقِق الكثير من الفوائد ويعين على حل وتفسير الكثير من المشاكل.


ثانياً: الخاصية الثانية للدولة هي تَتَمتَع الدولة بالسيادة وتستأثر بها 


مفاهيم السيادة:

تعنى السيادة سلطان الدولة على الإقليم الذي تقوم عليه، بكل ما يحويه من أشخاص وأموال، يجعلها هذا السلطان تواجه الدول الأخرى، وتعد كل دولـة من الناحية النظرية ذات سيادة مساوية لأية دولـه أخرى من وجهة نظر القانون الدولي، كما أن معنى تَمتع الدولة بالسيادة أن تكون لها الكلمة العليا لا يعلوها سلطة أو هيئَة أُخرى وبالتالي فهي تسمو على الجميع وتفرِض نفسها عليهم باعتبارها سلطة آمرة عليا.


إن مصطلح السيادة معناه اللغوي من سـود وتدل على المقدم على غيره جاهاً أو مكانةً أو منزلةً أو غلبةَ وقوة وتعنى أيضاً المجد والشرف والعلو والسيطرة. ومعناه اصطلاحا هو السلطة العليا في الدولة التي لا تعرِف فيما تنظم من علاقات سلطة أخرى إلى جانبها فلها الكلمة العليا واليد الطولي على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أوفيه فهي السلطة العليا والمطلقة التي تفردت وحدها بالإلزام وشمولها بالحكم لكل الأمور والعلاقات سواء التي تجرى داخل الدولة أو خارجها.


فسيادة الدولة هي سلطة سياسية آمره وتتمتع بالقرار النهائي ونابعة من ذات الدولة وقادرة على تنظيم نفسها وقادرة على توجيهاتها دون أن تكون خاضعة لغيرها في الداخل وفى الخارج، فهي في الداخِل أعلى السلطات التي تملُك أمر الحكم فيما ينشأ بين الأفراد والوحدات الداخلية مِن خلافات، وهى كذلك لا تخضع مادياً ولا معنوياً لسلطة أخرى مهما كان نوعها. والسيادة في الخارج تتركز في استقلال مجتمع سياسي معين بالنسبة لكل المجتمعات الأخرى، وهذا يعنى استقلالية الدولة وعدم خضوعها لدولـة أخرى.


ويعرف بعض الفقهاء السيادة بأنها هي السلطة العليا التي تحكم بها دولة ما وأن هذه السلطة يمكن مباشرتها في داخل إقليمها أو في إطار علاقاتها الدولية بالخارِج. والسيادة بالمعنى القانوني هي خاصية من خصائص السلطة السياسية.


ومن خلال الربط بين سلطة الدولة ومفهوم السيادة نجد أن السيادة تتحدد باعتبارها الخاصية المميــزة لكل سلطة سياسية، وهي ما يضفى المشروعية على هذه السلطة، بحيث تكون سلطة الدولة هي تجسيد لسياستها.


وأما السيادة القانونية فهي السلطة المطلقة التي تملك دون منازع الحق القانوني في مطالبة الآخرين بالالتزام والخضوع على النحو الذي يحدده القانون.


أما السيادة السياسية فهي القوة السياسية غير المقيدة أي القادرة على فرض الطاعة، وهو ما يستند غَالباً إلى احتكار قوة الإرغام، ومفهوم السيادة هو ما يجعل مِن سلطة الدولة سلطة عليا ومطلقَة، ومعنى أن تتمتع الدولة بالسيادة أي أن هذه السيادة هي منبع السلطات الأخرى، وعلى هذا الأساس يكون للدولة بذاتها الحق المطلق في تشريع القوانين والقيام بتنفيذها.


ويحيل مفهوم السيادة إلى معاني الهيمنة والسلطة والتحكم التي يقوم بها وجود الدولة في إطار حدود ومجال سلطتها الواقعي والقانوني، فالسيادة هي مبدأ القوة المطلقة غير المقيدة.لذلك فسيادة الدولة تعنى ببساطة أنها منبع السلطات الأخرى، فهي أصيلة ولصيقة بالدولة، وصفة هامة للسلطة السياسية فيها، وهى التي تميزها عن غيرها من الجماعات السياسية الأخرى.


ومن هنا فالسيادة ليست حقيقة طبيعية مستقلة، وإنما هي مفهوم بِمقتضاه يقوم الناس بتطبيقه والتمتع به، بشكل متساو نتيجة احترام الجميع للسلطة بما تَتَمَتَع به من اختصاص الأمر والنهى المطلق، وهذه السيادة وحدة واحدة لا تتجزأ مهما تعددت السلطات العامة.


لقد أخذ مفهوم السيادة حيزاً كبيراً من آراء رجال الفقه والمفكرين والمشتغلين بالسياسة والحكماء والفلاسفة في فترات زمنية متباعدة اتسمت بالبحث والسعي إلى وضع تعريف دقيق للسيادة، ومن هنا لا بد من التمييز بين موضوعين هما:

1) التمييز بين سيادة الدولة كخاصية لها من حيث تمتعها بكل مظاهر سيادتها الداخلية والخارجية.


2) وبين السيادة في الدولة أي من هو صاحب السيادة.


أولاً: سـيـادة الدولة


السلطة السياسية في الدولة تتميز بأنها ذات سيادة، والسيادة هي مجموعة من الاختصاصات تنفرد بها السلطة السياسية في الدولة وتجعل منها عليا وآمرة وتمكنها من فرض إرادتها على غيرها من الأفراد والهيئات، كما تجعلها غير خاضعة لغيرها في الداخل أوفى الخارج.


وتعتبر الدولة كاملة السيادة إذا كانت تتمتع بكامل مظاهر سيادتها الداخلية والخارجية، وبأن تكون حرة في وضع دستورها، واختيار نظام الحكم الذي ترتضيه، وتبنى النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي تراه مناسباً لها.


وتعتبر الدولة ناقصة السيادة إذا شاركتها دولـة أجنبية أو هيئَه دولية في ممارسة اختصاصاتها الأساسية.


أ) مظاهر السيادة


أجرى الفقه عدة تقسيمات لسيادة الدولة، بحيث نفهم أن أشكال السيادة في الدولة، باعتبارها السلطة العليا فيها. وللسيادة مظاهر بارزة يمكن تقسيمها إلى قسمين، لكل منهم وجهان مختلفان هما:

القسم الأول: يتعلَق بالسيادة القانونية والسيادة السياسية


1) السيادة القانونية: إن صاحب السيادة القانونية هو الشخص أو الهيئة التي يخولها القانون سلطة ممارسة السيادة، فالسيادة القانونية هي سلطة إصدار القوانين وتنفيذها أي سلطة إصدار الأوامر النهائية في الدولة، وتوجد أجهزة أو جهاز يختَص بتنفيذ تلك القوانين، والذي يحدد كل ذلك في الدولة الدستور.


2) السيادة السياسية: وتعنى مجموعة القوى التي تكفل تنفيذ القانون، فالسيادة السياسية تنصرف على الشعب بمفهومه السياسي الذي يتولى عملية اختيار مَن يسيرون الدولة ويمارسون السيادة القانونية، وبذلك تكون السيادة واحدة، حيث أن سيادة الشعب لا تتجزأ.



القسم الثاني: يتعلق بالسيادة الداخلية والسيادة الخارجية


1) السيادة الداخلية: ومؤداها أن تبسط الدولة السلطة السياسية وسلطانها على كل إقليم الدولة، فلها حق الأمر والنهى في مواجهة كل سكان إقليمها وعلى كل المنظمات التي ينشئونها، فسلطة الدولة سلطة عليا، دون أن تكون هناك سلطة موازية أو منافسة لها مع عدم خضوع الدولة في ممارستها لهذه العملية لأي ضغط مادي أو معنوي من أي كان، وبالتالي فهي تتمتَع بالقرار النهائي في جميع الشؤون الداخلية دون مشاركة سلطة أخرى لها في هذه السيادة التي تخص تنظيم شئون إقليمها.


2) السيادة الخارجية: هي عدم خضوع الدولة لأية سلطة أو دولـة أجنبية أخرى، أي تمتع الدولة بالاستقلال التام أمام غيرِها من الدول والمنظمات الدولية، بما ينفى عنها اندماجها أو تبعيتها لوحدات سياسية خارجية، مما يفيد الاستقلال السياسي، وبالتالي فالسيادة بمظهرِها الخارجي إذن مرتبطة باستقلال الدولة، لهذا فالسيادة قَد تكون في هذا المجال كاملة وقد تكون ناقصة، إلا أنه وفى كل الأحوال فإن ذلك الاستقلال والتبعية لا يؤثران، كما يذهب إليه أغلب الفقه على وجود الدولة القانوني الفعلي.


كذلك أجرى الفقه تقسيمات لسيادة الدولة منها:

1) السيادة الإقليمية : هي أن الدولة تمارس سلطتها على كامل إقليمها وكل ما يوجد به وما يقع عليه من تصرفات وأعمال، أي انسحاب أوامرها ونواهيها وتنفيذ قوانينِها على المقيمين على أرضها من أشخاص سواء أكانوا مواطنين أو أجانب، وأشياء أو حوادث.


2) السيادة الشخصية: وهى التي تعنى أن سلطة الدولة تتحدد على أساس عنصر الشعب، بمعنى أن الدولة يمكنها تتبع الأفراد المكونين لشعبها بأوامرها ونواهيها وقوانينها سواء كانوا في داخل إقليمها أو في خارجه.


3) السيادة السلبية: إن مضمون السيادة السلبية يتجلى في عدم إمكانية إجبار الدولة على القيام بأي نشاط داخلي أو خارجي لا ترغب في القيام به من أي كان سواء دولـه أو منظمة دولية.


4) السيادة الإيجابية: فهي التي يتجلى مضمونها في عدم إمكانية منع الدولة من القيام بأي نشاط داخلي أو خارجي ترغب في القيام به من أي كان سواء في الداخل أو في الخارج.



ب) خصائص السيادة:  ونوجزها في الآتي


1) إن سيادة الدولة قـانـونية، بمعنى أنها ليست مجرد حقيقة مادية بل هي حالة أجازها القانون وأقرها بجملة من القوانين واحترام الحريات والحقوق الإنسانية.


2)  إنها عـلـيا وشـاملة، مما يعنى أنها تـسمو فوق الجميع ولا تخضع لأحد، وكذلك طاعتها واجبة على كل الأفراد من دون استثناء، بمعنى أنه لا توجد استثناءات إلا بحدود ما يكفله القانون أو العرف الدولي مثل تمتع السفارات والدبلوماسيين التابعين لدول أُخرى ببعض الامتيازات.


3) إنها سيادة دائمة، لأنها تتعدى في مداها الزمني عمر جيل كامل، ولا تخضع لعمر القائمين عليها، فالسيادة تدوم بدوام الدولة وتنتهي بنهايتها، بمعنى أنه إذا توقفت السيادة كان ذلك معناه انهيار الدولة، وإذا اندثرت الدولة فإن ذلك يعنى زوال السيادة.


وباختصار : 

إنها سيادة غـير قـابلة للـتـصـرف فـيـهـا أو الـتنـازل عـنـهـا ولا تـقـبـل التجزئة، فحيث أن السيادة مطلقة فلا يمكن تجزئتها، فالدولة الواحدة لا توجد فيها إلا سيادة واحدة، ولا تستطيع الدولة التنازل عن سيادتها، وإنها إن فعلت ذلك فإنما تقوم بهدم نفسها، فالسيادة والدولة متلازمتان ومتكاملتان.



ثانياً: السيادة في الدولة


إن السيادة في الدولة تستدعى معرفة وتحديد صاحب السيادة الفعلي في واقع الدولة، والسبب الذي يستدعى هذا التوضيح أو المعرفة أو هذا التحديد هو أن الدولة باعتبارها شخص معنوي مجرد إذا فلابد للسلطة من صاحب يمارسها بصورة فعلية، وهنا يجب توضيح أو تحديد المالك الفعلي للسيادة، ولهذا الأساس ظهر العديد من الاتجاهات التي نذكر أهمها في الآتي:


السيادة للحاكم

فحتى أواخر القرن الثامن عشر كان الاعتقاد بأن السيادة للحاكم (الملك) من الله، وهى سيادة مطلقة، وساد في تلك الفترة الزمنية الخلط بين فكرة السلطة السياسية وشخص الحاكم، ولكن بعد ظهور المبادىء الديمقراطية في العصر الحديث تم هجر هذا الاتجاه، وانقسم الفُقهاء إلى اتجاهين في تحديد صاحب السيادة في الدولة:
فنجد الاتجاه الأول: يحصر السيادة في الأمة.
والاتجاه الثاني: ينيطها بالشعب.



الاتجاه الأول: نظرية السيادة للأمة

تنسب نظرية سيادة الأمة إلى الفقيه الفرنسي جون جاك روسو الذي ركز في مؤلفه الشهير (العقد الاجتماعي) على مبدأ أساسي هو سيادة الإرادة العامة التي نشأت بالعقد الاجتماعي، وهذه الإرادة ليست حاصل جميع الإرادات الجزئية للأفراد ولكنها إرادة الكائن الجماعي، لذلك قيل بأن السيادة وحدة واحده لا تتجزأ وغير قابلة للتصرف فيها أو التنازل عنها فهي ملك للأمة وحدها، وقد اعتنقت الثورة الفرنسية هذه الفكرة وحولتها إلى مبدأ دستوري.


إن أهم النتائج المترتبة على هذه النظرية نذكر منها:

1) أنها لا تتفق مع الديمقراطية المباشرة وشبه المباشرة التي تأخذ بمبدأ الاستفتاء الشعبي، ولكنها تتناسب مع الديمقراطية النيابية والتي يقتصر فيها دور الأفراد على انتخاب ممثليهم في المجلِس النيابي، وبالتالي يصبح الانتخاب وظيفة عامة ويمكن اعتماد الاقتراع الإجباري.


2) يعتبر النائب في المجلس النيابي ممثلاً للأمة في مجموعها وليس مجرد نائب عن دائرته الانتخابية أو حزبه السياسي، فهو وكيل عن الأمة.


الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية نلخصها في الآتي:

1) إن اعتبار الأمة وحده مستقلة عن أفرادها يؤدى إلى الاعتراف لها بالشخصية المعنوية، وعليه نصبح أمام شخصين هما الدولة والأمة فمن منهم يكون صاحب السيادة.


2) إن الأخذ بهذه النظرية يؤدى إلى الاستبداد لأن السيادة مطلقة.


3) إن هذه النظرية تشكل خطـراً على حقوق وحريات الأفراد، بحيثُ تعتبر القوانين مجرد تعبير عن الإرادة العامة، وما على الأفراد إلا الخضوع لها حتى ولو كانت ضد مصالحهم.


وبعد أن أدت هذه النظرية دورِها في مواجهة السابقة لها التي كانت تمنح السيادة إلى الحاكم، وأمام الانتقادات التي وجهت لها اتجه الفقه إلى البحث عن نظرية أُخرى فكان أن ظهرت نظرية سيادة الشعب.



الاتجاه الثاني: نظرية السيادة الشعبيـة

أن هذه النظرية تعترِف بالسيادة للشعب، باعتباره مكون من أفراد ولدوا أحراراً ومتساوين، بحيث تنقسم السيادة بينَهم بِشكل متساوي، وبحيث يكون لكل فرد جزء من هذه السيادة، إن المقصود بالأفراد هنا هم الشعب بمدلوله السياسي.


إن أهم النتائج المترتبة على هذه النظرية نذكر منها الآتي:

1- أن الانتخاب حـق خاص، لأن المواطن له جزء من السيادة.
2-  أن الانتخاب حـق عـام، لكل أفراد الشعب بالمفهوم السياسي.
3- إن هذه النظرية تتناسب مع الديمقراطية المباشرة وشبه المباشرة .
4- إن هذه النظرية لا تتناسب إلا مع النظام الجمهوري.
5- كما أن القانون يعد تعبيراً عن إرادة الأغلبية، بما يجرده من صفة القداسة، ويجعله قابلاً للمعارضة والتعديل بل وإلى الإلغاء.
6- في هذه النظرية النائب يعتبر ممثلاً لناخبيه، وبالتالي لهم حق عزله إذا تجاوز حدود الوكالة الممنوحة له.

الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية عديدة تتلخص فيما يلي:

1) إذا كانت نظرية سيادة الأمة تؤدى إلى ظهور شخصين معنويين يتنازعان السيادة، فإن نظرية السيادة الشعبية تجزئ السيادة بين أفراد الشعب، فكيف يمكن ممارستها؟ ومن الذي يمارس السيادة الفعلية؟.


2) إن النواب يعتبروا تابعين لجمهور الناخبين سواء كانوا على صواب أو على خطأ، دون مراعاة لمصلحة الأجيال القادمة.


3) إن منطق هذه النظرية قد يؤدى إلى الوقوع في عيب هو استبداد جمهور الناخبين بالنواب، لما لهم من حق المحاسبة وحتى العزل .


وختاماً نستخلص من كل ما ذكر الآتي:

أنه ليس هناك مجال للمفاضلة بين هاتين النظريتين، لأنهم في الواقع العملي تشترِكان في دساتير العديد من دول العالم، حيث حاولت العديد من الدول الأخذ بالإيجابيات الموجودة في النظريتين، عن طريق طرح عدة مبادئ في دساتيرها مثل حق الاقتراع العام وأيضاً استقلالية النواب والاستفتاء الشعبي.



عزيزي الزائر

وفي الختام

أرجو أن يكون الموضوع قد نال رضاكم

ويشرفنا تواصلكم معنا ، وستجدون كل المواضيع

في    كتب  

 اطلبوها وانتظروها  وتواصلوا معنا لتصلكم

الكاتب والباحث/ محمد فرج

وسلام من الله عليكم جميعا

ahwalaldoalwalmogtmat.blogspot.com

aldoalwaalmogtmatwalnas@gmail.com

https://www.facebook.com/profile.php?id=100013909621565

https://twitter.com/ahwalaldoalwal3

وسنتناول أيّ موضوع بأفكار ورؤى  جديدة

انتظرونا قريباً

== القادم أجمل == 

 

خصائص الدولة | الصفات أو الخصائص الرئيسية التي تميز الدولة Reviewed by ahwalaldoalwalmogtmat on 11/21/2016 Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.